وكأني بك يا هارون . . وقد أخذت بضيق الخناق ، ووردت المساق ، وأنت ترى حسناتك في ميزان غيرك ، وسيئات غيرك في ميزانك على سيئاتك ، بلاء على بلاء ، وظلمة فوق ظلمة ، فاتق الله يا هارون في رعيتك . واحفظ محمدا صلى الله عليه وآله في أمته . واعلم أن هذا الأمر لم يصر إليك . إلا وهو صائر إلى غيرك ، وكذلك الدنيا تفعل بأهلها ، واحدا بعد واحد ، فمنهم من تزود زادا نفعه ، ومنهم من خسر دنياه وآخرته ، وإني أحسبك يا هارون ممن خسر دنياه وآخرته . وإياك ، ثم إياك أن تكتب إلي بعد هذا ، فإني لا أجيبك . . والسلام . " . ثم بعث بالكتاب منشورا ، من غير طي ، ولا ختم . .