ولعل الصواب : هو أن مرسلها هو : إمام مكة سفيان بن عيينة ، المتوفى سنة 198 ه . عن إحدى وتسعين سنة . ولعل الراوي قد اشتبه عليه الأمر ، عفوا ، أو عمدا ! لحاجة في نفسه قضاها . وأياما كانت الحقيقة ، فإن هذه الرسالة تعتبر وثيقة تاريخية هامة ، لأنها تصور لنا حقيقة الوضع في تلك الفترة من الزمن . . وتعطينا شأنها شأن رسالة الخوارزمي ، ورسالة عبد الله بن موسى إلى المأمون صورة واضحة عما كان يمارسه خلفاء ذلك الوقت من مآثم ، وما يرتكبونه من موبقات . . نص الرسالة : وملخص حكاية هذه الرسالة هي : أن الرشيد أرسل إلى سفيان الثوري ! - وقد قلنا : إن الظاهر : أنه ابن عيينة - كتابا يتودد إليه فيه ، ويطلب منه أن يقدم عليه . فلما وصل الكتاب إلى سفيان ، رماه من يده ، وقال لإخوانه : ليقرأه بعضكم ، فإني أستغفر الله أن أمس شيئا مسه ظالم . فلما قرأوه ، أمرهم أن يكتبوا إلى الظالم في الجواب ما يلي : " من العبد الميت سفيان ، إلى العبد المغرور بالآمال هارون ، الذي سلب حلاوة الإيمان ، ولذة قراءة القرآن . أما بعد : فإني كتبت إليك أعلمك : أني قد صرمت حبلك ، وقطعت ودك ، وقليت موضعك ، وأنك جعلتني شاهدا عليك ، بإقرارك على نفسك في كتابك : بما هجمت على بيت مال المسلمين ، فأنفقته في غير حقه ،