كما وأن عبد الله بن موسى يصرح في رسالته التي أرسلها إلى المأمون بأنه قد بلغه ما فعله بالرضا من إطعامه العنب المسموم ، وستأتي هذه الرسالة بتمامها في أواخر هذا الكتاب . . وسئل أبو الصلت الهروي : " كيف طابت نفس المأمون بقتل الرضا مع إكرامه إياه ومحبته له ؟ ! . " فجاء في آخر جوابه قوله : " فلما أعيته الحيلة في أمره اغتاله ، فقتله بالسم . . " [1] . فإن هذا السؤال يكشف عن أن ذلك كان معروفا آنذاك بين الناس لكن الناس كانوا في حيرة من ذلك ، بسبب ما كانوا يرونه من إكرام المأمون للرضا ( ع ) في الظاهر . وعن الطالقاني : إنه كان متى ظهر للمأمون من الرضا علم وفضل ، وحسن تدبير حسده على ذلك ، وحقد عليه ، حتى ضاق صدره منه ، فغدر به فقتله " . بل لقد ذكر ابن خلدون : أن سبب خروج إبراهيم ابن الإمام موسى ( ع ) على المأمون هو أنه اتهم المأمون بقتل أخيه علي الرضا ( ع ) [2] . ويؤيد ذلك : أنه قد نقل الاتفاق من كل من ترجم لإبراهيم هذا على أنه مات مسموما ، وأن المأمون هو الذي دس إليه السم ، وقد أنشد ابن السماك الفقيه ، حينما ألحده : مات الإمام المرتضى مسموما * وطوى الزمان فضائلا وعلوما قد مات بالزوراء مظلوما كما * أضحى أبوه بكربلا مظلوما
[1] عيون أخبار الرضا ج 2 ص 239 ، والبحار ج 49 ص 290 ، ومسند الإمام الرضا ج 1 ص 128 ، 129 . [2] تاريخ ابن خلدون ج 3 ص 115 .