وثالثا : إلى أن الأئمة عليهم السلام بسلوكهم المثالي ، وبشخصياتهم الفذة كانوا يشكلون أكبر مصدر للخطر عليهم ، وعلى حكمهم ذاك غير الأصيل . . إلى غير ذلك من أمور يمكن استخلاصها من الفصول الأولى من الكتاب . . وأما السبب في تشجيعهم - في تلك الحقبة من الزمن للعلم والعلماء فإنه يعود إلى أهداف سياسية معينة . وفي الحدود التي كانت لا تشكل عليهم خطرا في الحكم ، لأن الحكم كان في نظرهم هو كل شئ ، وليس قبله ولا بعده شئ ، وكل ما في الوجود يجب أن يكون من أجله ، وفي خدمته ، حتى العلماء والمفكرون . ولم يكن جمعهم للعلماء من حولهم . والإتيان بهم من كل حدب وصوب ، إلا : 1 - ليكون أولئك العلماء ، الذين يمثلون الطليعة الواعية في الأمة تحت نظرهم ، وسيطرتهم . 2 - ليتمكنوا بواسطتهم من تنفيذ الكثير من مخططاتهم ، والوصول إلى كثير من مأربهم ، كما تشهد به الأحداث التاريخية الكثيرة . . 3 - ليظهروا للناس بمظهر المحبين للعلم والعلماء ، ليقوى مركزهم في نفوسهم ، وتتأكد ثقتهم بهم ، إذ كان لا بد لهم ، بعد أن تركوا أهل البيت عليهم السلام . من الاستعاضة عنهم بغيرهم ، ودفع شكوك وشبهات الناس عن أنفسهم . . 4 - محاولة التشويش بذلك على أهل البيت عليهم السلام ، وطمس ذكرهم ، وإخفاء أمرهم ، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا . . ولكن . يأبى الله إلا أن يتم نوره .