الصاعقة ، فشغبوا في بغداد ، وأخرجوا الحسن بن سهل منها ، وبايعوا لإبراهيم بن المهدي ، المعروف ، بابن شكلة المغني ، الذي كان عاملا للمأمون على البصرة [1] والذي كان من ألد أعداء الإمام علي بن أبي طالب وولده . . وموقف بغداد هذا لم يكن ليخفى على أحد ، فكيف يخفى على المأمون ، وقد رأينا : أن الإمام نفسه يخبر المأمون : بأن الناس - يعني العباسيين ، ومواليهم [2] - ينقمون عليه مكان الإمام منه ، ومكان بيعته له بولاية العهد [3] . والفضل بن سهل أيضا قال للمأمون : " . . ثم أحدثت هذا الحدث الثاني إنك جعلت ولاية العهد لأبي الحسن ، وأخرجتها من بني أبيك . والعامة والعلماء ، والفقهاء ، وآل عباس ، لا يرضون بذلك . وقلوبهم
[1] مشاكلة الناس لزمانهم لليعقوبي ص 28 . [2] لأنهم هم فقط الذين كانوا ينقمون ذلك عليه ، كما تدل عليه النصوص التاريخية ، ولم يشر التاريخ ، ولو من بعيد إلى شئ من ذلك من غيرهم على الاطلاق ، بل نص على عكس ذلك كما عرفت ، حتى من أهل بغداد أنفسهم . . [3] الطبري ج 11 ص 1025 ، وابن خلدون ج 3 ص 249 ، والكامل لابن الأثير ج 5 ، وغير ذلك . وقال في النجوم الزاهرة ج 2 ص 174 : " أنه بسبب ولاية العهد للرضا قامت الفتن ، واضطربت البلاد " وقريب منه ما في مقدمة ابن خلدون ص 211 ، وواضح : أن ذلك قول مبالغ فيه . حيث لم يحدث بسبب البيعة شئ أصلا إلا في بغداد ، وأما سائر البلاد ، فقد خمدت الثورات فيها ، واستوسقت للمأمون كما نص عليه الذهبي ، وغيره حسبما تقدم ، وحتى في بغداد نفسها كان أكثرها يؤيد المأمون في ذلك باستثناء العباسيين ، ومن لف لفهم ، قال في تاريخ أبي الفداء ج 2 ص 22 : " وامتنع بعض أهل بغداد عن البيعة " . . ويتفق المؤرخون : على أن بغداد انقسمت إلى قسمين : قسم يقول : نلبس الخضرة ، ونبايع وقسم يأبى ذلك . إلى أن غلب الممتنعون ، لأن من بينهم رجال الدولة ، وبايعوا لإبراهيم بن المهدي . .