الإمام الجواد ( ع ) أيضا ، والذي كان لا يزال صغير السن ، فأغرى العباسيين بأن يقفوا ذلك الموقف ، ليفسح المجال ليحيى بن أكثم ليطرح مسائله الصعبة على الإمام الصغير ، ليعجز عنها ، ويظهر للملأ : أن إمام الشيعة طفل صغير ، لا يعلم ولا يعقل شيئا ، وإن كل ما يدعونه في الإمام ما هو إلا زخرف باطل ، وظل زائل . . ويلاحظ : أنه قام بهذه اللعبة قبل أن يسلم إليه ابنته ، التي كان قد عقد له عليها في حياة أبيه الرضا ( ع ) ، وجعل شرط تسليمها أن يغلب يحيى بن أكثم ويجيبه على مسائله ! ومعنى ذلك : أنه لو توقف ولو في مسألة واحد لامتنع عن إعطائه زوجته ، وكانت النتيجة أن يشتهر ذلك بين الناس كلهم ، ويصبح حديث كل الندوات والمحافل أن سبب عدم تسليمه زوجته هو جهله وعيه . . لكن الإمام الجواد كان كأبيه قد أعاد على المأمون كيده ومكره ، ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله . . ولقد سبقه إلى ذلك المنصور مع الإمام الصادق ، حيث أمر أبا حنيفة بتهيئة مسائل صعبة يلقيها على الإمام ، لأنه رأى الناس قد فتنوا به [1] . . وجرى على منواله في ذلك المعتصم مع الجواد أيضا ، وغيره مع غيره . . وكان الله هو المؤيد والناصر والمسدد . ملاحظة لا بد منها : ومما يلاحظ هنا : أننا لا نجد أثرا لهذه المجالس العلمية للمأمون ! ، والمناظرات الكلامية ! بعد موت الإمام ( ع ) ، فبعد أن مات ( ع ) بسم المأمون ، وهدأت ثائرة العلويين والشيعة أو صد الباب كليا تقريبا ،