وهذا الفصل معقود للحديث عن بعض تلك التصرفات ، ومن أجل بيان تلك الخطط . المأمون يفضح نفسه : وقد تعجب إذا قلنا لك : إن المأمون نفسه يصرح ببعض خططه ، التي كانت تصرفاته تدور في فلكها ، ويعلن بعض الدوافع ، ويبوح ببعض النوايا تجاه الإمام ، وبالنسبة لقضية ولاية العهد فإليك ما أجاب به حميد بن مهران ، وجمعا من العباسيين ، عندما عاتبوه ولاموه على ما أقدم عليه ، من البيعة للرضا ( ع ) يقول المأمون : " . . قد كان هذا الرجل مستترا عنا ، يدعو إلى نفسه ، فأردنا أن نجعله ولي عهدنا ، ليكون دعاؤه لنا ، وليعترف بالملك والخلافة لنا ، وليعتقد فيه المفتونون به بأنه ليس مما ادعى في قليل ولا كثير ، وأن هذا الأمر لنا دونه . وقد خشينا إن تركناه على تلك الحال : أن ينفتق علينا منه ما لا نسده ، ويأتي علينا ما لا نطيقه . . والآن . . فإذ قد فعلنا به ما فعلنا ، وأخطأنا في أمره بما أخطأنا . وأشرفنا من الهلاك بالتنويه باسمه على ما أشرفنا ، فليس يجوز التهاون في أمره . ولكننا نحتاج إلى أن نضع منه قليلا ، قليلا ، حتى نصوره عند الرعية بصورة من لا يستحق هذا الأمر ، ثم ندبر فيه بما يحسم عنا مواد بلائه . . " . ثم طلب منه حميد بن مهران : أن يسمح له بمجادلة الإمام ( ع ) ، ليفحمه ، وينزله منزلته ، ويبين للناس قصوره ، وعجزه ، فقال المأمون : " لا شئ أحب إلي من هذا " .