الإمام ( ع ) يتقي المأمون ، ولا غيره من رجال الدولة ، في إظهار هذا الحق ، وبيان أن خلافة الرسول صلى الله عليه وآله إنما كانت في علي ( ع ) ، وولده الطاهرين ، وأنه يجب على الناس كلهم طاعتهم ، والانقياد لهم . وقد أعلن ( ع ) ذلك في نيشابور كما قدمنا . . ورأيناه يصرح به ، ويطلب من الناس أن يعلم شاهدهم غائبهم به ، في محضر من رجال الدولة في خراسان ، ففي الكافي : بسنده عن محمد بن زيد الطبري قال : كنت قائما على رأس الرضا ( ع ) بخراسان ، وعنده عدة من بني هاشم ، وفيهم إسحاق بن موسى بن عيسى العباسي ، فقال : " يا إسحاق ، بلغني أن الناس يقولون : إنا نزعم : أن الناس عبيد لنا ! . لا وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله ما قلته قط ، ولا سمعته من آبائي قاله ، ولا بلغني عن أحد من آبائي قاله ، ولكنني أقول : الناس عبيد لنا في الطاعة ، موال لنا في الدين ، فليبلغ الشاهد الغائب . " [1] . وستأتي الإشارة إلى هذه الرواية مرة أخرى في الفصل الآتي . . وليتأمل في عبارته الأخيرة ، فليبلغ إلخ . . وليلاحظ أيضا أنه اختار لتوجيه خطابه : إسحاق بن موسى بن عيسى العباسي ! ! . وفي الكافي أيضا بسنده عن معمر بن خلاد قال : سأل رجل فارسي أبا الحسن ( ع ) ، فقال : طاعتك مفترضة ؟ فقال : نعم . قال : مثل طاعة علي بن أبي طالب ( ع ) ؟ . قال : نعم [2] . والمراد بأبي الحسن هو الرضا ( ع ) ، لأنه هو الذي كان في خراسان ، وهو الذي يروي عنه معمر بن خلاد كثيرا . . ومثل ذلك كثير لا مجال لتتبعه .
[1] الكافي ص 187 ، وأمالي المفيد ص 148 ط النجف وأمالي الطوسي ج 1 ص 21 ، ومسند الإمام الرضا عليه السلام ج 1 ص 96 . [2] الكافي : ج 1 ص 187 ، والاختصاص 278 ، ومسند الإمام الرضا ج 1 ص 103 عنه .