وفيها يصف الإمام ( ع ) أئمة الهدى أدق وصف ، وأروعه ، وأوفاه . بل إن المأمون نفسه كان يرى وجوب نصب الإمام من قبل الله كالنبي ، كما يتضح من مناظرته الشهيرة لعلماء وقته ، التي أوردها غير واحد من كتب التاريخ ، والأدب ، والرواية ، وذكرها في العقد الفريد أيضا قبل ذكره لهذه الرواية المفتعلة . وإن كان قد تصرف فيها ( أي في المناظرة ) ، فحرف فيها ، وحذف منها الكثير . . وأشار إليها أيضا أحمد أمين في ضحى الإسلام ج 2 ص 57 ، وغيره . . فلماذا لا يلزمه الإمام بمقالته التي كان يلزم نفسه بها ؟ ! . أم يمكن أن لا يكون مطلعا على مقالة المأمون هذه ، التي سار ذكرها في الآفاق ؟ ! . ويحسن بنا هنا أن ننبه إلى أن الاختلاف في نقل مثل هذه القضايا ، حسب أهواء الناقلين لم يكن بالأمر الذي يخفى على أحد ، فقد رأينا : أن جواب أحمد بن حنبل في المحنة بخلق القرآن ، يرويه كل من الشيعة ، والمعتزلة ، وأهل السنة بصور ثلاثة مختلفة ، ومناظرة هشام لأبي الهذيل العلاف يروي المعتزلة أن الغلبة فيها كانت لأبي الهذيل ، بينما يروي الشيعة ، ويؤيدهم المسعودي [1] أن الغلبة فيها كانت لهشام . إلى غير ذلك من عشرات القضايا بل المئات . . ولكن الأمر هنا مختلف تماما ، إذ أن مختلق الرواية هنا قد غفل عن أن روايته المفتعلة تتنافى كليا مع نظرة الأئمة عليهم السلام ورأيهم في الخلافة ومستحقها . . ويبدو أنه لم يكن مطلعا على الآراء المختلفة الشائعة آنذاك في مسألة الإمامة ، ولذا نراه ينسب إلى الإمام ( ع ) رأيا لا يقول به ، ولا يقره . وإنما هو يناسب رأي الشيعة الزيدية القائلين بإمامة ولد علي ( ع ) من فاطمة ، بشرط أن يكون بليغا ، شجاعا ، عادلا مجتهدا ،