تصريحاته وتصرفاته حيث تأهب للسفر - لعله - قد ظن لنوايا المأمون هذه ، فضيع الفرصة عليه ، وأعاد كيده إليه . . الموقف الثالث : سلوكه في الطريق ، كما وصفه رجاء بن أبي الضحاك [1] ، حتى اضطر المأمون لأن يظهر على حقيقته ، ويطلب من رجاء هذا : أن لا يذكر ما شاهده منه لأحد ، بحجة أنه لا يريد أن يظهر فضله إلا على لسانه [2] ، ولكننا لم نره يظهر فضله هذا ، حتى ولو مرة واحدة ، فلم يدع أحد أنه سمع شيئا من المأمون عن سلوك الإمام ( ع ) ، وهو في طريقه إلى مرو . وأما رجاء ، فلعله لم يحدث بذلك إلا بعد أن لم يعد في ذلك ضرر على المأمون ، وبعد أن ارتفعت الموانع ، وقضي الأمر . الموقف الرابع : موقفه في نيشابور ، الذي لم يكن أبدا من المصادفة . كما لم يكن ذكره للسلسلة التي يروي عنها من المصادفة أيضا ، حيث أبلغ الناس في ذلك الموقف ، الذي كانت تزدحم فيه أقدام عشرات بل مئات الألوف [3] - أبلغهم - : " كلمة لا إله إلا الله حصني ، فمن دخل
[1] راجع : البحار ج 49 من ص 91 حتى 95 ، وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 181 فما بعدها : وهو كلام معروف لا نرى أننا بحاجة لتكثير مصادره هنا . [2] البحار ج 49 ص 95 ، وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 183 . [3] وذلك يدل على مدى تعاطف الناس مع أهل البيت ، ومحبتهم لهم . الأمر الذي كان يرعب المأمون ويخيفه . حتى لقد كان يحاول كبت عواطف الناس هذه ، وهذا هو السبب في منع الإمام من المرور عن طريق الكوفة وقم ، كما سيأتي .