لتوافق هوى ، وتخدم مصالح أولئك الحكام المنحرفين ، الذين أغدقوا عليهم المال ، وغمروهم بالنعمة . حتى إن أولئك المأجورين قد جعلوا عقيدة الجبر - الواضح لكل أحد زيفها وسخفها - من العقائد الدينية الإسلامية ! . ، من أجل أن يسهلوا على أولئك الحكام استغلال الناس ، ولكي يوفروا لهم حماية لتصرفاتهم تلك . التي يندى لها جبين الإنسان الحر ألما وخجلا ، إذ أنهم يكونون بذلك قد جعلوا كل ما يصدر منهم هو بقضاء من الله وقدره ، ولذا فليس لأحد الحق في أن ينكر عليهم أي تصرف من تصرفاتهم ، أو أي جناية من جناياتهم . وكان قد مضى على ترويجهم هذه العقيدة المبتدعة - حتى زمان المأمون - أكثر من قرن ونصفا ، أي من أول خلافة معاوية ، بل وحتى قبل ذلك أيضا . بزمان طويل ! المزيفون وعقيدة الخروج على سلاطين الجور : كما أنهم - أعني هؤلاء العلماء - قد جعلوا الخروج على سلاطين الجور والفساد موبقة من الموبقات ، وعظيمة من العظائم . . وقد جرحوا بذلك عدد من كبار العلماء : مثل الإمام أبي حنيفة وغيره ، بحجة أنه : " يرى السيف في أمة محمد " [1] .
[1] راجع : نظرية الإمامة ، للدكتور أحمد محمود صبحي وغيره . وفي تاريخ بغداد ج 5 ص 274 ، : أنه قيل لأبي مسهر : كيف لم تكتب عن محمد بن راشد ؟ ! قال : " كان يرى الخروج على الأئمة " . . وفي طبقات الحنابلة لأبي يعلى ج 3 ص 58 ، في مقام ترجيح سفيان على حسن بن حي ، كان من جملة ما جرحه به أنه : " كان يرى السيف " ومثل ذلك كثير لا نرى حاجة لاستقصائه .