فإنه سوف يسهل عليه - إذا لم يكن حكم الإمام ( ع ) على وفق ما يشتهي ، وحسبما يريد - : أن يأخذ على ذلك الحكم : ( الذي يرى نفسه ، ويرى الناس أنه مدين للمأمون ) أقطار الأرض ، وآفاق السماء . ولن يصعب عليه تصفيته ، والتخلص منه من أهون سبيل ، حيث إنه حكم لا يزال ، ولسوف يسعى المأمون لأن يبقيه في المهد ، يستطيع المأمون أن ينزل به الضربة القاصمة القاضية متى شاء ، دون أن تعطى له الفرصة لحشد قدراته ، وتجميع قواه في أي من الظروف والأحوال . وهكذا . . فإن النتيجة تكون : أن الإمام ( ع ) سوف يكون بين خيارين لا ثالث لهما : فإما أن يحاول تحمل المسؤولية الحقيقية ، بكل أبعادها ، وتبعاتها ، باعتباره القائد الحقيقي للأمة ، ويقدم على كل ما تقدمت الإشارة إليه من إصلاحات جذرية في جميع المجالات ، وعلى مختلف المستويات ، مما سوف يكون من نتائجه أن يعرض نفسه للهلاك ، حيث لا يستطيع الناس ، والمأمون وأشياعه تحمل ذلك ، والصبر عليه ، ويكون له ولهم كل العذر في تصفيته ، والتخلص منه . وإما أن لا يتحمل مسؤولية الحكم ، ولا يأخذ على عاتقه قيادة الأمة ، وإنما تكون مهمته ، وما يأخذه على عاتقه هو فقط تنفيذ إرادات المأمون ، وأشياعه من المنحرفين . ويكون هو الواجهة التي يختفي وراءها الحكام الحقيقيون ، المأمون ومن لف لفه . . وواضح أن نتيجة ذلك سوف تكون أعظم خطرا على الإمام ، وعلى العلويين ، وعلى الأمة بأسرها ، وأشد فداحة من نتيجة الخيار السابق ، حيث يكون قد قضى بذلك على كل آمال الأمة ، وكل توقعاتها . وذلك هو كل ما يريده المأمون ، ويسعى من أجل الحصول عليه ، بكل ما أوتي من قوة وحول . وثالثا : إن من الواضح : أن عرض المأمون التنازل عن الخلافة للإمام ( ع ) ، لا يعني أبدا أن المأمون سوف لا يحتفظ لنفسه بأي من