وأيضا . منع المحسوبيات ، والوساطات ، من أصحاب الوجاهات ، الذين كانت تسيرهم الروح القبلية ، ويهيمن عليهم الشعور الطبقي في دولة الأطماع والمزايدات ، أو دولة التهديد ، والعسف ، والإرهاب . يضاف إلى ذلك كله . . أنه إذا أراد الإمام ( ع ) أن ينطلق في كل نصب وعزل من مصلحة الأمة ، لا من مصلحة الحاكم والقبيلة ، فطبيعي أن يؤدي ذلك إلى إثارة القبائل ضده ، ويؤلبهم عليه . . فزعماء القبائل سواء كانوا عربا أو فرسا كانوا يلعبون دورا هاما في إنجاح أية ثورة وقيام أية دعوة واستمرار ونجاح أي حكم . وبعد كل ذلك ، فإن من الطبيعي إذن : أن يستفحل الصراع بينه ، وبين العناصر القوية ، ذات النفوذ ، من أصحاب الأهواء ، والمصالح الشخصية ، وأولئك الذين يعتمل في نفوسهم طموح كبير ، نحو زبارج الدنيا ، وبهارجها . وذلك عندما يعطي القيمة الحقيقية لهؤلاء جميعا ، ويجعلهم في المستوى الذي يجب أن يكونوا فيه ، ويحدد ويقيم لهم واقعهم الذي لن يرضوا أبدا بتحديده وتقييمه . وعلى الأقل لن تساعده تلك العناصر على تصحيح الوضع ، وإقرار النظام . . هذا إن لم تكن هي العقبة الكأداء ، التي تحول بينه وبين ما يصبو إليه ، وتمنعه من تحقيق ما يريد . . يضاف إلى ذلك كله : أن القيادة القبلية كانت قد فسدت آنذاك ، واعتاد رؤساء القبائل على نكث العهود والمواثيق التي يعطونها ، فكانوا يؤيدون هذه الدعوة ، وهذا القائم بها ، إلى أن يجدوا من يستفيدون منه ، ويغدق عليهم أكثر من الأموال ، ويخصهم بما يفضل ما يخصهم به ذاك من المناصب . وكان للقيادات القبلية دور كبير في إنجاح أية دعوة ، وانتصار أية ثورة . . وبعد . . فإنه إذا كان الإمام ( ع ) لن يحابي أحدا على حساب دينه ورسالته . . وإذا كان - من الجهة الأخرى - مركزه ضعيفا في الحكم . وإذا كان ليس لديه القوة والقدرة الكافية لمواجهة مسؤولياته كاملة .