وكذلك لا يمكن أن نصدق بحسن نيته بالنسبة لأي واحد من العلويين ، الآخرين . . كما أشرنا إليه في رسالته لعبد الله بن موسى ، التي يذكر فيها : أنه راح يختلهم واحدا فواحدا . . وأيضا عندما نرى أنه يمنعهم من الدخول عليه ، بعد وفاة الرضا ، ويأخذهم بلبس السواد [1] . . بل ويأمر ولاته وأمراءه بملاحقتهم ، والقضاء عليهم ، كما سيأتي . مع المأمون في وثيقة العهد : ويحسن بنا هنا : أن نقف قليلا مع وثيقة العهد ، التي كتبها المأمون للإمام ( ع ) بخط يده ، فلقد ضمنها المأمون إشارات هامة ، رأى أنها تخدم أهدافه السياسية من البيعة وحيث إننا قد تحدثنا ، ولسوف نتحدث في مطاوي هذا الكتاب عن بعض فقراتها . . فلسوف نقتصر هنا على : أولا : إننا نلاحظ : أنه يؤكد كثيرا على نقطتين : الأولى : أنه منطلق في هذه البيعة من طاعة الله ، وإيثاره لمرضاته ، الثانية : أنه لا يريد بذلك إلا مصلحة الأمة ، والخير لها . وسر ذلك واضح : فهو يريد أن يذهب باستغراب واستهجان الناس ، الذين يرون الرجل الذي قتل حتى أخاه من أجل الحكم - يرونه الآن - يتخلى عن هذا الحكم لرجل غريب ، ولمن يعتبر زعيما لأخطر المنافسين للعباسيين . . كما أنه يريد بذلك أن يكتسب ثقة الناس به ، وبنظام حكمه . وعدا من ذلك فهو يريد أن يطمئن العلويين والناس إلى أن ذلك لا ينطوي على لعبة من أي نوع ، بل هو أمر طبيعي فرضته طاعة الله ومرضاته ، ومصلحة الأمة ، والصالح العام .
[1] الكامل لابن الأثير ، طبع دار الكتاب العربي ج 5 ص 204 .