ال " 100 " مليون [1] ، وإذا كان هذا حال الولاة ، فكيف ترى كان حال الخلفاء ، الذين كانوا يحقدون على كل القيم ، والمثل ، والكمالات الإنسانية ، . . والذين وصف الكميت رأيهم في الناس ، فقال : رأيه فيهم كرأي ذوي الثلة في التائجات جنح الظلام . جز ذي الصوف وانتقاء لذي المخة ، نعقا ودعدعا بالبهام [2] . نعم . . لقد كانت الأمة قد اقتنعت اقتناعا كاملا ونهائيا : بأن بني أمية ليس لهم بعد حق في أن يفرضوا أنفسهم قادة للأمة ، ولا روادا لمسيرتها ، لأن نتيجة ذلك ستكون - حتما - هي جر الأمة إلى الهاوية . حيث الدمار والفناء ، فلفظتهم ، وانقلبت عليهم ، تأخذ منهم بعض الحقوق التي لها عندهم ، إلى أن تمكنت أخيرا من أن تخلي منهم الديار ، وتعفي منهم الآثار . . * * * وكان نجاح العباسيين طبيعيا . . ومن هنا نعرف : أن نجاح العباسيين في الاستيلاء على مقاليد الحكم -
[1] السيادة العربية ص 32 ، ترجمة الدكتور حسن إبراهيم حسن ، ومحمد زكي إبراهيم . وفي البداية والنهاية ج 9 ص 325 : أن دخل خالد القسري كان في كل سنة " 13 " مليون دينار ، ودخل ولده يزيد بن خالد كان " 10 " ملايين دينار سنويا ، ولا بأس بمطالعة كتاب السيادة العربية ، ليعرف ما أصاب ، وخصوصا العراقيين والخراسانيين في عهد الأمويين . [2] الهاشميات ص 26 ، 27 . والثلة : القطعة الكثيرة من الضان . والثائجات : الصائحات . وانتقاء : اختيار ، وأراد بذي المخة : السمينة ، ونعقا : أي صياحا . والدعدعة : زجر البهائم . يقول : رأي الواحد من هؤلاء الخلفاء في رعيته ، ومعاملته لها كرأي أصحاب الغنم في غنمهم ، فلا يراعون العدل ، ولا الإنصاف فيهم . .