لما أهله له . ولو أنهم ادعوا ذلك لما صدقهم أحد ، ولكانت الدائرة حينئذ في ذلك عليهم ، والخسران لهم دون غيرهم . فذلكة لا بد منها : هذا . . ولا يسعنا هنا إلا أن نشير إلى أن المأمون ، لم يخترع أسلوبا جديدا للتصدي للزيدية ، والحد من نفوذهم ، وكسر شوكتهم ، ببيعته للرضا ( ع ) ، إذ أنه كان قد استوحى هذه الفكرة من سلفة المهدي ، الذي كان قد استوزر يعقوب بن داوود الزيدي ، ليحد من نشاط الزيدية ، ويكسر شوكتهم . وكان قد نجح في ذلك إلى حد ما : إذ لا يحدثنا التاريخ عن تحركات زيدية خطيرة ضد المهدي ، بعد استيزاره ليعقوب ، وتقريبه للزيدية ، كتلك الأحداث التي حدثت ضد المنصور ، وخصوصا ثورة محمد وإبراهيم ابني عبد الله . كما يلاحظ أن تقريب العباسيين للزيدية في عصر المهدي ، وتسليطهم على شؤون الدولة وإداراتها ، لم يؤثر في الوضع العام أثرا يخشاه العباسيون ، وذلك بلا شك مما يشجع المأمون على الإقدام على ما كان قد عقد العزم عليه ، بجنان ثابت وإرادة راسخة . يضاف إلى ذلك : أن سهولة إبعاد العباسيين لهم عن مراكز القوة ، ومناصب الحكم على يد المهدي نفسه ، الذي نكب يعقوب بن داوود ، الوزير الزيدي ، حيث لم تصاحبه ردة فعل ، ولا نتج عنه أية حادثة تذكر ضد العباسيين ، لا حقيرة ، ولا خطيرة . . هو الذي شجع المأمون على أن يستوحي نفس الفكرة ، ويلعب نفس اللعبة ، ويتبع نفس طريقة المهدي . في مواجهتهم ، وكسر شوكتهم ، بالبيعة للرضا ( ع ) بولاية العهد بعده .