في الحكم ، والقضاء على أخطر خصومهم ، الذين لن يكون الصدام المسلح معهم في صالحهم ، إنهم دون شك عندما تؤتي تلك اللعبة ثمارها سوف يشكرونه ، ويعترفون له بالجميل ، ويعتبرون أنفسهم مدينين له مدى الحياة ، ولسوف يذكرون دائما قوله لهم في رسالته المشار إلها آنفا : " . فإن تزعموا أني أردت أن يؤول إليهم ( يعني للعلويين ) عاقبة ومنفعة ، فإني في تدبيركم ، والنظر لكم ، ولعقبكم ، ولأبنائكم من بعدكم . " . ومضمون هذه العبارة بعينه - تقريبا - قد جاء في وثيقة العهد ، حيث قال فيها ، موجها كلامه للعباسيين ، رجاء أن يلتفتوا لما يرمي إليه من لعبته تلك . . فبعد أن طلب منهم بيعة منشرحة لها صدورهم - قال - : " . . عالمين بما أراد أمير المؤمنين بها ، وآثر طاعة الله ، والنظر لنفسه ، ولكم فيها ، شاكرين الله على ما ألهم أمير المؤمنين ، من قضاء حقه في رعايتكم ، وحرصه على رشدكم ، وصلاحكم ، راجين عائدته في ذلك في جمع ألفتكم ، وحقن دمائكم إلخ . ما قومناه . . " . لا شك أنه إذا غضب عليه العباسيون ، فإنه يقدر على إرضائهم في المستقبل ، " وقد حدث ذلك بالفعل " عندما يطلعهم على حقيقة نواياه ، ومخططاته ، وأهدافه ، ولكنه إذا خسر مركزه ، وخلافته ، فإنه لا يستطيع - فيما بعد - أن يستعيدها بسهولة ، أو أن يعتاض عنها بشئ ذي بال . ج - : إن من الإنصاف هنا أن نقول : إن اختيار المأمون للرضا ( ع ) وليا للعهد ، كان اختيارا موفقا للغاية ، كما سيتضح ، وإنه لخير دليل على حنكته ودهائه ، وإدراكه للأسباب الحقيقية للمشاكل التي كان يواجهها المأمون ، ويعاني منها ما يعاني . د - : إن من الأمور الجديرة بالملاحظة هنا هو أن اختيار المأمون