الظروف ، والانسجام معها ، فلا مانع عنده ، من أن يقرب العلويين إليه ، ويتظاهر بإكرامهم ، وتقديرهم . في يوم . ثم منعهم من الدخول عليه ، واضطهدهم ، وقتلهم بالسم تارة ، وبالسيف أخرى في يوم آخر . . وهكذا . وأيضا . لا بد من خطوة أخرى . ولكن ذلك وحده لم يكن كافيا لإخماد ثورات العلويين ، ولا لتحقيق كافة الأهداف ، التي قدمنا ، وسيأتي شطر منها . فكانت خطوته التالية غريبة ومثيرة في نفس الوقت ، لكنها إذا ما أخذت الظروف آنذاك بنظر الاعتبار يتضح أنها كانت طبيعية للغاية . ألجأته إليها الظروف والأحداث . وتلك الخطوة هي : " أخذ البيعة للإمام علي الرضا عليه السلام بولاية العهد بعده . . " وجعله أمير بني هاشم طرا ، عباسيهم ، وطالبيهم [1] ، ولبس الخضرة . لم يبق إلا خيار واحد : ومن نافلة القول هنا : أن نقول : إن ذلك يدل على فهم المأمون للداء ، مما ساعده على معرفة الدواء ، الذي تجرعه المأمون - رغم مرارته القاسية ، التي لم تكن لتقاس أبدا بما سوف يعقبها من راحة وطمأنينة وهناء - تجرعه - بكل رضا ، ورجولة ، وشجاعة . إن المأمون - على ما أعتقد - وإن كان قد ثقل عليه أمر البيعة لرجل غريب ، ومن أسرة هي أقوى وأخطر المنافسين للحكم العباسي في