أن يعتمد عليهم [1] ، يدلنا على ذلك أنهم بعد أن ثاروا على المأمون ، بسبب بيعته للرضا عليه السلام ، لم يجدوا فيهم شخصا أعظم ، وأكفأ من ابن شكلة المغني ، فبايعوه ، مع أنه من أصحاب المزامير والبرابط . وفيه يقول دعبل : نعر ابن شكلة بالعراق وأهله * فهفا إليه كل أطلس مائق إن كان إبراهيم مضطلعا بها * فلتصلحن من بعده لمخارق ولتصلحن من بعد ذاك لزلزل * ولتصلحن من بعده للمارق أنى يكون . وليس ذاك بكائن * يرث الخلافة فاسق عن فاسق [2] كما أنه عندما أصبح إبراهيم هذا خليفة ، قال بعض الأعراب ، عندما جاء الخبر بأنه : لا مال عند الخليفة ليعطي الجند ، الذين ألحوا في طلب أعطياتهم ، قال : " فليخرج الخليفة إلينا ، فليغن لأهل هذا الجانب ثلاثة أصوات ، فتكون عطاءهم ، ولأهل هذا الجانب مثلها . . " فقال في ذلك دعبل - شاعر المأمون - يذم إبراهيم بن المهدي : يا معشر الأجناد لا تقنطوا * خذوا عطاياكم ، ولا تسخطوا فسوف يعطيكم حنينية * لا تدخل الكيس ، ولا تربط والمعبديات لقوادكم * وما بها من أحد يغبط فهكذا يرزق أصحابه * خليفة مصحفه البربط [3]
[1] وقد كان بينهم الكثيرون في أول عهد الدولة العباسية . ونقصد ب " الكفاءة " هنا : الكفاءة الظاهرية ، التي يقرها منطق الجبارين المتغطرسين ، لا الكفاءة الحقيقية التي يريدها الله ، وجاء بها محمد . وقد أشرنا إلى ذلك من قبل . [2] وفيات الأعيان ، طبع سنة 1310 ه ج 1 ص 8 . والورقة لابن الجراح ص 22 ، ومعاهد التنصيص ج 1 ص 205 ، والشعر والشعراء ص 541 ، والكنى والألقاب ج 1 ص 330 . والأطلس : هو الرجل يرمى بالقبيح . . [3] معاهد التنصيص ج 1 ص 205 ، 206 ، وشرح ميمية أبي فراس ص 281 ، والبداية والنهاية ج 10 ص 290 ، والبحار ج 49 ص 143 ، والغدير ج 2 ص 377 ، والأغاني ج 18 ص 68 ، و ص 101 طبع دار الفكر ، والورقة لابن الجراح ص 22 ، ونزهة الجليس ج 1 ص 404 ، وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 166 ، والحنينيات : منسوبة إلى حنين النجفي العبادي . المغني المشهور ، والمعبديات : منسوبة إلى معبد المغني المشهور ، والبربط : ملهاة ، تشبه العود ، وهو فارسي معرب . وأصله : بربت : لأن الضارب يضعه على صدره . . انتهى عن نزهة الجليس .