يسمع لعلوي ذكرا في خراسان في زمانه . رغم أنه جهد كل الجهد من أجل ذلك . وفي سبيله ، حسبما تقدم . كما أنهم - أعني الخراسانيين - قد توسموا في المأمون أن يكون المنقذ لهم من أولئك الولاة ، الذين ساموهم شتى ضروب العسف ، والظلم والعذاب . والذين لم يكن بهمهم غير مصالحهم ، وإرضاء شهواتهم وملذاتهم ، يعلم ذلك بأدنى مراجعة للتأريخ . وقد وثقوا إلى حد ما بوعود المأمون تلك ، التي كان يغدقها عليهم ، وعلى غيرهم بدون حساب ، وأمنوا جانبه ، فكانوا جنده ، وقواده ، ووزراءه المخلصين ، الذين أخضعوا له البلاد ، وأذلو له العباد ، وبسطوا نفوذه وسلطانه على كثير من الولايات والأمصار ، التي كان يطمح إلى الوصول إليها ، والسيطرة عليها . كيف يثق العرب بالمأمون ؟ ! وهكذا إذن . . يتضح أن ميل المأمون للإيرانيين ما كان إلا دهاء منه وسياسة ، استغلها المأمون أحسن ما يكون الاستغلال ، حتى استطاع أن يصل إلى الحكم ، ويتربع على عرش الخلافة ، بعد أن قتل أخاه العزيز على العباسيين والعرب ، وقضى على أشياعه بسيوف غير العرب ، وذلك ذنب آخر لن يسهل على العرب الاغضاء عنه أو غفرانه . ثم ولى على بغداد رجلا غير عربي ، هو الحسن بن سهل ، أخو الفضل بن سهل ، الذي تكرهه بغداد والعرب كل الكره . . ثم إنه بعد هذا كله جعل مقر حكمه مروا الفارسية ، وليس بغداد العاصمة العربية الأولى التي خربها ودمرها . . وكان ذلك من شأنه أن يثير المخاوف لدى العرب في أن تتحول الإمبراطورية العربية إلى إمبراطورية