لما حوته يده ، يشاركه في رأيه الإماء والنساء ، ولولا أم جعفر - يعني زبيدة - وميل بني هاشم ، لقدمت عبد الله عليه . . " [1] . يعني في ولاية العهد .
[1] راجع شرح قصيدة ابن عبدون لابن بدرون ص 245 ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 307 ، وقريب منه ما في الأخبار الطوال ص 401 ، والإتحاف بحب الأشراف ص 96 ، وتاريخ الخميس ج 2 ص 334 . هذا . . والرشيد هنا يدعي النسك للمهدي مع أن كتب التاريخ زاخرة بأخبار بذخه ، ولهوه ولعبه ، ويكفي أن نذكر هنا : أنه قد سلم الأمر ليعقوب بن داوود ، وانصرف إلى ملذاته وشهواته ، حتى قال فيه بشار بن برد أبياته المشهورة : بني أمية هبوا طال نومكم * إن الخليفة يعقوب بن داوود ضاعت خلافتكم يا قوم فالتمسوا * خليفة الله بين الزق والعود فراجع : الفخري في الآداب السلطانية ص 184 ، 185 ، وتاريخ التمدن الإسلامي المجلد الأول جزء 2 ص 407 ، والبداية والنهاية ، وأي كتاب تاريخي شئت . . هذا . . ولعل ما ينسب إليه من الزهد والورع إنما كان بلحاظ ما قدمناه : من تسمية أبيه له ب " المهدي " لكي يكون مهدي الأمة الذي يملأ الأرض قسطا ، وعدلا ، واخترع أحاديث كثيرة لتأييد مدعاه هذا . ولكن الحقيقة هي ما قدمناه ، من أنه لم يكن يقل في تهتكه واستهتاره عن غيره من الخلفاء ، حتى لقد ذكر الطبري في تاريخه ، طبع مطبعة الاستقامة ج 6 ص 405 ، أنه ألبس ابنته " البانوقة " لباس الفتيان ، لتمشي في مقدمة الجند والقواد ، وقد رفع القباء ثدييها الناهدين ، وكانت سمراء ، حسنة القد ، حلوة ، على حد تعبير الطبري . فماذا كان يقصد " المهدي المنتظر " ! ! من تصرفه هذا ! ! . فهل كان يريد بذلك أن يملأ الأرض قسطا وعدلا ؟ ! ! . ولماذا كان الزاهد الورع ! ! و " المهدي المنتظر " يعذب الناس بالسنانير والزنابير ، ليبتز منهم أموالهم ، ويتخذ الاتهام بالزندقة ذريعة للقضاء على خصومه ، كما قدمنا ، وأيضا يشرب الخمر ، ويسمع الغناء ، حتى بلغ في ذلك حدا جعل يعقوب بن داوود يلومه على ذلك ، ويقول له : " ما على هذا استوزرتني ، ولا على هذا صحبتك الخ . . " . وفي ذلك يقول بعض الشعراء ، يعرض بيعقوب ، ويحث المهدي على الاستمرار في ذلك على ما في البداية والنهاية ج 10 ص 148 ، 149 - يقول في ذلك - : فدع عنك يعقوب بن داوود جانبا * واقبل على صهباء طيبة النشر وأخيرا . . فإننا لا نعرف أحدا يقول بأن المهدي العباسي ، هو المهدي الموعود ، إلا سلم الخاسر ، فقد نقل ذلك عنه ابن المعتز في طبقات الشعراء ص 104 ، ويدل على ذلك قول الخاسر في قصيدة له يمدح بها المهدي العباسي على ما في الأغاني ج 21 ص 187 ، طبع دار الفكر : له شيم عند بذل العطاء * لا يعرف الناس مقدارها و " مهدي أمتنا " والذي * حماها وأدرك أوتارها والسيد الحميري أيضا ممن كان قد ظن أنه المهدي حقا لكن فعاله قد بينت : أنه ليس هو ، ولذلك يقول السيد حسبما يروي المرزباني أخبار السيد الحميري ( المستدرك ) ص 58 : ظننا أنه " المهدي " حقا * ولا تقع الأمور كما ظننا ولا والله ، ما المهدي إلا * إماما فضله أعلى وأسنى ولا بأس بالإشارة هنا إلى ما ذكروه ، من أن سبب تسميته بالخاسر : أنه كان عنده مصحف ، فباعه ، واشترى بثمنه طنبورا ، فبقيت من ثمنه بقية ، فاشترى بها خمرا ! ! . . فبورك من مهدي أتباعه أمثال هذا ! ! وبوركت أمة تعترف بمهدي له تلكم الصفات ! ! .