الأمم ، مما يجعلنا لا نجد كثير عناء في الإجابة على سؤال : لماذا عنيت الأمم على اختلافها بالتاريخ . تدوينا . ودرسا ، وبحثا ، وتمحيصا ؟ ! فإن ذلك لم يكن إلا لأنها تريد أن تستفيد منه ، لتتعرف على واقعها الذي تعيشه ، لتستفيد من ذلك لمستقبلها الذي تقدم عليه . . ولتكتشف منه عوامل رقيها . وانحطاطها ، ولتنطلق من ثم لبناء نفسها على أسس متينة وسليمة . . فمهمة التاريخ إذن - تاريخ الأمة المدون - هي : أن يعكس بأمانة ودقة ما تمر به الأمة من أحوال وأوضاع ، وأزمات فكرية ، واقتصادية ، وظروف سياسية : واجتماعية ، وغير ذلك . * * * ونحن . هل نملك تاريخا ! ! ونحن أمة . . لكننا لا نملك تاريخا - وأقصد بذلك كتب التاريخ - نستطيع أن نستفيد منه الكثير في هذا المضمار ، لأن أكثر ما كتب لنا منه تتحكم فيه النظرة الضيقة ، والهوى المذهبي ، والتزلف للحكام ، وأقصد ب " النظرة الضيقة " عملية ملاحظة الحدث منفصلا عن جذوره وأسبابه التي تلقي الضوء الكاشف على حقيقته وواقعه . نعم . . إننا بمرارة - لا نملك تاريخا نستطيع أن نستفيد منه الكثير ، لأن المسيرة قد انحرفت ، والأهواء قد لعبت لعبتها [1] وأثرت أثرها المقيت
[1] ومن أراد أن يعرف المزيد عن ذلك ، فليراجع : النصائح الكافية لمن يتولى معاوية من ص 72 إلى ص 79 والغدير ج 5 ص 208 إلى ص 378 ، و ج 11 من ص 71 ، إلى ص 103 ، و ج 9 من ص 218 إلى آخر المجلد ، وغير ذلك من مجلدات هذا الكتاب وصفحاته والاحتجاج للطبرسي ، وخمسون ومئة صحابي مختلق للعسكري ، وغير ذلك كثير . . .