الاحتمال سيتحقق ، فالتكوين الوراثي اذن ليس إلا القدرة على التفاعل مع أية بيئة بطريق خاص . . . " . ومعنى ذلك أن جميع الآثار والخواص التي تبدو في الأجهزة الحساسة من جسم الانسان ترجع إلى العوامل الوراثية وقوانينها ، والبيئة تقرر وقوع تلك المميزات وظهورها في الخارج ، فاذن ليست البيئة إلا عاملا مساعدا للوراثة ، حسب البحوث التجربية التي قام بها الاختصاصيون في بحوث الوراثة . وعلى أي حال فقد أكد علماء الوراثة بدون تردد أن الأبناء والأحفاد يرثون معظم صفات آبائهم وأجدادهم النفسية والجسمية ، وهي تنتقل إليهم بغير إرادة ولا اختيار ، وقد جاء هذا المعنى صريحا فيما كتبه الدكتور " الكسيس كارل " عن الوراثة بقوله : " يمتد الزمن مثلما يمتد في الفرع إلى ما وراء حدوده الجسمية . . وحدوده الزمنية ليست أكثر دقة ولا ثباتا من حدوده الاتساعية ، فهو مرتبط بالماضي والمستقبل ، على الرغم من أن ذاته لا تمتد خارج الحاضر . . . وتأتي فرديتنا كما نعلم إلى الوجود حينما يدخل الحويمن في البويضة . ولكن عناصر الذات تكون موجودة قبل هذه اللحظة ومبعثرة في أنسجة أبوينا وأجدادنا وأسلافنا البعيدين جدا لأنا مصنوعون من مواد آبائنا وأمهاتنا الخلوية . وتتوقف في الماضي على حالة عضوية لا تتحلل . . . وتحمل في أنفسنا قطعا ضئيلة لاعداد من أجسام أسلافنا ، وما صفاتنا ونقائصنا إلا امتداد لنقائصهم وصفاتهم . . . " [1] . وقد اكتشف الاسلام - قبل غيره - هذه الظاهرة ، ودلل على فعاليتها ، في التكوين النفسي والتربوي للفرد ، وقد حث باصرار بالغ على