صفين ، وكان صاحب مطهرته ، فلما حاذوا نينوى ، تأثر الامام ، ورفع صوته قائلا : " صبرا أبا عبد الله ، صبرا أبا عبد الله ، بشط الفرات ! " . فذهل يحيى ، وانبرى يقول : " من ذا أبو عبد الله ؟ " . فاجابه الامام وقلبه يتقطع ألما وحزنا قائلا : " دخلت على رسول الله ( ص ) وعيناه تفيضان ، فقلت يا نبي الله أغضبك أحد ؟ ما شأن عينيك تفيضان ؟ قال : قام من عندي جبرئيل فحدثني ان الحسين يقتل بشط الفرات ، وقال : هل لك أن أشمك من تربته ؟ قال : قلت : نعم فقبض قبضة فأعطانيها ، فلم أملك عيني أن فاضتا " [1] . 2 - حدث هرثمة بن سليم قال : عزونا مع علي بن أبي طالب غزوة صفين ، فلما نزلنا بكربلا صلى بنا صلاة ، فلما سلم رفع إليه من تربتها فشمها ثم قال : " واها لك أيتها التربة ، ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب " . وبهر هرثمة . وظل حديث الامام يراوده في كل فترة ، وكان منكرا له فلما رجع إلى زوجته جرداء بنت سمير ، وكانت شيعة لعلي حدثها بما سمعه من الامام ، فقالت له : " دعنا منك أيها الرجل فان أمير المؤمنين لم يقل إلا حقا " . ولم تمض الأيام حتى بعث ابن زياد بجيوشه لحرب ريحانة رسول الله وكان فيهم هرثمة فلما انتهى إلى كربلا ورأى الحسين وأصحابه تذكر قول الإمام أمير المؤمنين فكره حربه ، وأقبل على الإمام الحسين ، وأخبره بما
[1] تاريخ ابن عساكر 13 / 57 - 58 ، المعجم الكبير للطبراني رواه في ترجمته للإمام الحسين .