وثار الامام أمير المؤمنين فحمل على مروان ، وضرب اذني دابته وصاح به : " تنح نحاك الله إلى النار " . وولى مروان منهزما إلى عثمان يخبره بعصيان امره ، والاعتداء عليه . كلمة الامام أمير المؤمنين ( ع ) : ووقف الامام أمير المؤمنين على أبي ذر فودعه ، وقد غامت عيناه بالدموع وألقى عليه هذه الكلمات التي حددت أبعاد شخصيته قائلا له : " يا أبا ذر انك غضبت لله فارج من غضبت له ، إن القوم خافوك على دنياهم ، وخفتهم على دينك ، فاترك في أيديهم ، ما خافوك عليه ، واهرب بما خفتهم عليه ، فما أحوجهم إلى ما منعتهم ، وما أغناك عما منعوك ، وستعلم من الرابح غدا ، والأكثر حسدا ؟ ولو أن السماوات والأرض كانتا على عبد رتقا ، ثم اتقى الله لجعل الله منهما مخرجا ، لا يؤنسك الا الحق ، ولا يوحشك إلا الباطل ، فلو قبلت دنياهم لأحبوك ، ولو قرضت منها لآمنوك . . " . وألقت هذه الكلمات الأضواء على ثورة أبي ذر ، وأنها كانت من أجل الحق ومن اجل المبادئ العليا التي جاء بها الاسلام ، وقد خافه القوم على دنياهم وخافوه من اجل نهبهم لثروات الأمة ، وتلاعبهم باقتصادها ومقدراتها ، وقد مجد الامام في أبي ذر هذه الروح الطيبة ، وطلب منه أن يهرب بدينه ليكون بمنجاة من شرور القوم وآثامهم ، فإنه هو الرابح في آخرته والسعيد يوم يلقى الله ، وهم الخاسرون الذين تلفح وجوههم النار وهم فيها خالدون .