والتنكيل بهم ، فكان فيما يقول الرواة : إذا ركب أمر بهم ليسيروا حول ركابه مبالغة في اذلالهم واحتقارهم ، ولما رأوا تلك القسوة أظهروا الطاعة والاذعان للسلطة ، وكتب إلى عثمان في شأنهم ، فاجابه إلى ذلك ، وأمره بردهم إلى الكوفة ، ولما نزحوا عن حمص جعلوا طريقهم إلى يثرب لمقابلة عثمان ، فلما انتهوا إليها قابلوه ، وعرضوا عليه ما عانوه من التنكيل والارهاق ، ولم يلبثوا قليلا حتى فاجأهم سعيد ، فقد جاء في مهمة رسمية إلى عثمان فوجد القوم عنده يشكونه ، ويسألونه عزله ، إلا أنه أعرض عنهم ولم يستجب لهم ، وألزمهم بالانصياع إلى أوامر واليهم ، كما أمره أن يرجع ويزاول عمله ، وقفل القوم قبله راجعين إلى مصرهم ، وقد سبقوه إليه ، فقاموا باحتلاله ، وأقسموا أن لا يدخله سعيد ما حملوا سيوفهم ، ثم خرجوا في جماعة مسلحين بقيادة الزعيم مالك الأشتر حتى انتهوا إلى ( الجرعة ) فرابطوا فيها ليحولوا بين سعيد وبين دخوله إلى الكوفة ، وأقبل سعيد فقاموا إليه ، وعنفوه أشد العنف ، وحرموا عليه دخول مصرهم ، فولى منهزما إلى عثمان يشكوهم إليه ، ولم يجد عثمان بدا من عزله ، فعزله وولى غيره مكانه على كره منه [1] . وعلى أي حال فان عثمان قد نكل بالناقدين لسعيد بن العاص ، وهم قراء المصر وفقهاؤه : ونفاهم عن أوطانهم من أجل شاب طائش متهور لأنه من أسرته وذويه ، وكان ذلك من موجبات النقمة عليه لا في الكوفة وانما في جميع الأقاليم الاسلامية التي انتهى إليها أمرهم . 2 - عبد الله بن عامر : و عبد الله بن عامر بن كريز هو ابن خال عثمان وقد ولاه امارة
[1] تاريخ الطبري 5 / 85 ، تاريخ أبي الفداء 1 / 68 ، الأنساب 5 / 39 - 43 .