مقدرات الأمة حسب ميوله من دون ان يعني بأحكام الاسلام ، ولا رأي لعثمان ، ولا اختيار له في جميع الاحداث التي تواجه حكومته ، فقد وثق بمروان واعتمد عليه ، وأناط به جميع شؤون الدولة ، يقول ابن أبي الحديد نقلا عن بعض مشايخه : ان الخليفة في الحقيقة والواقع انما كان مروان وعثمان له اسم الخلافة . ان قوة الإرادة لها الأثر التام في تكوين الشخصية واستقامتها ، فهي تكسب الشخص قوة ذاتية يستطيع أن يقف بحزم أمام التيارات والأعاصير التي تواجهه في هذه الحياة ، ومن المستحيل أن يحقق الشخص أي هدف لامته ووطنه من دون أن تتوفر فيه هذه النزعة ، وقد منع الاسلام منعا باتا أن يتولى ضعيف الإرادة قيادة الأمة ، وحظر عليه مزاولة الحكم لأنه يعرض البلاد للويلات والخطوب ، ويغري ذوي القوى بالتمرد والخروج من الطاعة ، وتمنى الأمة بالأزمات والاخطار . ووصفه بعض المؤرخين بالرأفة والرقة واللين والتسامح إلا أن ذلك كان مع أسرته وذويه أما مع الجبهة المعارضة لحكومته فقد كان شديد القسوة ، فقد بالغ في ارهاقهم واضطهادهم ، وقابلهم بمزيد من العسف والعنف ، فنفى أبا ذر من يثرب إلى الربذة ، وفرض عليه الإقامة الجبرية في مكان انعدمت فيه جميع وسائل الحياة ، حتى مات طريدا غريبا ، ونكل بالصحابي العظيم عمار بن ياسر فأمر بضربه حتى أصابه فتق ، وألقته شرطته في الطريق مغمى عليه ، وأوعز إلى شرطته بضرب القارئ الكبير عبد الله بن مسعود فألهبت جسمه سياطهم وألقوه في الطريق بعد أن هشموا بعض أضلاعه ، وحرم عليه عطاءه ، وهكذا اشتد في القسوة مع اعلام المعارضة . نعم كان شديد الرأفة والرقة بأرحامه من بني أمية وآل أبي معيط ،