وبادر أكثر المهاجرين والأنصار إلى أبي يعلنون كراهيتهم لخلافة عمر فقد قالوا له : " نراك استخلفت علينا عمر ، وقد عرفته وعلمت بوائقه فينا ، وأنت بين أظهرنا ، فكيف إذا وليت عنا ، وأنت لاق الله عز وجل فسائلك ، فما أنت قائل ؟ فأجابهم أبو بكر : " لئن سألني الله لأقولن استخلفت عليهم خيرهم في نفسي . . . " [1] وكان الأجدر به فيما يقول المحققون أن يستجيب لعواطف الأكثرية الساحقة من المسلمين فلا يولي عليهم أحدا إلا بعد أخذ رضاهم واتفاق الكلمة عليه ، أو يستشير أهل الحل والعقد عملا بقاعدة الشورى إلا أنه استحباب لعواطفه الخاصة المترعة بالحب لعمر ، وقد طلب من معقيب الدوسي أن يخبره عن رأي المسلمين في ذلك فقال له : " ما يقول الناس في استخلافي عمر ؟ " . " كرهه قوم ورضيه آخرون . . . " . " الذين كرهوه أكثر أم الذين رضوه ؟ " . " بل الذين كرهوه " [2] . ومع علمه بأن أكثرية الشعب كانت ناقمة عليه في هذا الامر فكيف فرضه عليهم ، ولم يمنحهم الحرية في انتخاب من شاؤوا لرئاسة الحكم . وعلى أي حال فقد لازم عمر أبا بكر في مرضه لا يفارقه خوفا من التأثير عليه ، وكان يعزز مقالته ورأيه في انتخابه له قائلا :
[1] الإمامة والسياسة 1 / 19 . [2] الآداب الشرعية والمنح المرعية 1 / 49 .