أسماء والحسنان ، وقد أخذت اللوعة بمجامع قلوبهم ، وبعد أن أدرجها في أكفانها دعا بأطفالها الذين لم ينتهلوا من حنان أمهم ليلقوا عليها النظرة الأخيرة ، وقد مادت الأرض من كثرة صراخهم وعويلهم ، وبعد انتهاء الوداع عقد الامام الرداء عليها ، ولما حل الهزيع الأخير من الليل قام فصلى عليها ، وعهد إلى بني هاشم وخلص أصحابه أن يحملوا الجثمان المقدس إلى مثواه الأخير ، ولم يخبر أي أحد بذلك سوى تلك الصفوة من أصحابه وأهل بيته وأودعها في قبرها وأهال عليها التراب ، ووقف على حافة القبر ، وهو يروي ثراه بدموع عينيه ، واندفع يؤبنها بهذه الكلمات التي تمثل لوعته وحزنه على هذا الرزء القاصم قائلا : " السلام عليك يا رسول الله عني وعن ابنتك النازلة في جوارك ، السريعة اللحاق بك . . . قل يا رسول الله عن صفيتك صبري ورق عنها تجلدي الا أن في التأسي بعظيم فرقتك ، وفادح مصيبتك موضع تعز ، فلقد وسدتك في ملحودة قبرك ، وفاضت بين نحري وصدري نفسك . . . إنا لله وإنا إليه راجعون ، لقد استرجعت الوديعة ، وأخذت الرهينة أما حزني فسرمد ، وأما ليلي فمسهد إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم ، وستنبئك ابنتك بتضافر أمتك على هضمها ، فاحفها السؤال ، واستخبرها الحال . . . هذا ولم يطل العهد ، ولم يخل منك الذكر ، والسلام عليكما سلام مودع لا قال ولا سئم ، فان انصرف فلا عن ملالة ، وان أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين . . . " [1] . وطفحت هذه الكلمات بالألم الممض والحزن العميق فقد أعلن فيها شكواه للرسول على ما ألم بابنته من الخطوب والنكبات ، ويطلب منه أن يلح في السؤال منها ، لتخبره بما جرى عليها من الظلم والضيم في تلك