وجوههن يتصفحها القريب والبعيد ، فلم يثر ذلك حفيظة المسلمين فيهبوا إلى الانتفاضة على حكم يزيد للثأر لابن بنت نبيهم ورحم الله دعبل الخزاعي إذ يقول : رأس ابن بنت محمد ووصيه * يا للرجال على قناة يرفع والمسلمون بمنظر وبمسمع * لا جازع من ذا ولا متخشع [1] إن كارثة كربلاء لم تأت إلا بعد تخدير الأمة ، وتغيير سلوكها ، واصابتها بكثير من الأوبئة الأخلاقية والسلوكية الناشئة من عدم تقريرها لمصيرها في أدق الفترات الحاسمة من تاريخها أمثال مؤتمر السقيفة والشورى وصفين . وعلى أي حال فان الاحداث التاريخية التي عاشها الإمام الحسين ( ع ) يجب أن تخضع للدراسة العلمية المتسمة بالعمق والتحليل ، والتجرد من العواطف وسائر التقاليد المذهبية التي أوجبت خفاء الحق ، وتضليل الرأي العام في كثير من مناحي حياته العقائدية ، فان التاريخ الاسلامي لم يدرس دراسة موضوعية وشاملة ، وإنما عرض له أكثر البحاث بصورة تقليدية ، وهي لا تجدي المجتمع ، ولا تفيده ، كما لا تلقى الأضواء على واقع تلك الاحداث التي جرت للمجتمع كثيرا من الخطوب والمشاكل ، وأوقفت مسيرته نحو التطور حسب ما يريده الاسلام إن الذي لا مجال للشك فيه هو أن تلك الاحداث كثيرا من المنعطفات التاريخية الخطيرة التي تعمد بعض المؤرخين على إهمالها ، وعدم الكشف عنها ، كما أن التاريخ قد خلط بكثير من الموضوعات التي تعمد بعض الرواة إلى افتعالها تدعيما لسياسة السلطات الحاكمة في تلك العصور .