أنت ذو الجود أنت معدنه * أبوك قد كان قاتل الفسقة وكان الامام واقفا يصلي فخف من صلاته ، وخرج إلى الأعرابي فرأى عليه أثر الفاقة ، فرجع ونادى بقنبر فلما مثل عنده قال له : ما تبقى من نفقتنا ؟ قال : مائتا درهم أمرتني بتفرقتها في أهل بيتك ، فقال هاتها فقد أتى من هو أحق بها منهم ، فأخذها ودفعها إلى الأعرابي معتذرا منه وهو ينشد هذه الأبيات : خذها فاني إليك معتذر * واعلم بأني عليك ذو شفقة لو كان في سيرنا عصا تمد اذن * كانت سمانا عليك مندفقة لكن ريب المنون ذو نكد * والكف منا قليلة النفقة فأخذها الأعرابي شاكرا وداعيا له بالخير ، وانبرى مادحا له : مطهرون نقيات جيوبهم * تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا وأنتم أنتم الأعلون عندكم * علم الكتاب وما جاءت به السور من لم يكن علويا حين تنسبه * فما له في جميع الناس مفتخر [1] . هذه بعض بوادر كرمه وسخائه وهي تكشف عن مدى تعاطفه وحنوه على الفقراء ، وأنه لم يبغ أي مكسب سوى ابتغاء مرضاة الله والتماس الاجر في الدار الآخرة . . . وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض نزعاته وصفاته التي بلغ بها ذروة الكمال المطلق ، واحتل بها قلوب المسلمين فهاموا بحبه والولاء له . عبادته وتقواه : واتجه الإمام الحسين ( ع ) بعواطفه ومشاعره نحو الله فقد تفاعلت