أما بعد فإني ما زلت لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم محبا ، وعلى إمداحهم مكبا ، نتنزه في روض بلاغتهم البديع ، المزدي بأزاهر الربيع ، وأتروي من مناهله الضافية فأجد به ما يجده العليل من العافية ؟ لا سيما [ من ] كلام السيد الهصور المؤيد المنصور ، ابن عم إمام الهدى المنقذ من الردى القاهر للعدى المحجل بجوده لبحر الندى خير الخلائق ، وبحر الحقائق ، أشرف الخلق على الاطلاق ، والمتخلق بأشرف الأخلاق ، سيدنا محمد الوافي بعهده ، والصادق في وعده ، الكريم الأواصر المنتخب من أكرم العناصر ، المبعوث بأكرم الفضائل ، المبعوث من أكرم القبائل ، المفضل على الأواخر والأوائل ؟ فرأيت كلامه هو الدر الثمين ، والعذب الزلال المعين ، جميعه غرر ، وجواهر ودرر ، حقه أن يكتب بإبر الذهب على الآماق ، ويجعل جواهره / 3 / أ / قلائد تتحلى بها الأعناق ! ! ! كلامه . فحينئذ دعاني الخاطر لهذا التأليف الذي لا يرفع عني قلم التكليف ، غرض اختلج في صدري وأمل اعتلج في سري أن أجمع كتابا يحتوي على نبذ من كلامه العذب المساغة ، الجامع لأنواع البلاغة ، فقد قال بعض الأدباء والفصحاء البلغاء : ما بعد كلام الله ورسوله أبلغ من كلامه ، ولا أجمع لاقسام البلاغة في افتتاحه وختامه ، تتناثر الدر من فيه ، ويلتقط الجواهر من نثره ونظم قوافيه فاستخرت الله وأمطيت لجمع جواهره صهوة الحرم ، وهززت بيعة العلم [1] وسررت أحلاف الذكر ، واعتصرت بلالة الفكر ، وجمعت ما تيسر لي من [ لآلي ] أصدافه ، وجواهر أحداقه وجواهر أصدافه [2] وبدائع حكمه وجوامع كلمه ، وماله من نجب الخطب التي لم يقدر خطيب ينسج على منوالها ، ولا يأتي بالبلاغة على مثالها ، تطرب المسامع وتجري المدامع ، [ و ] تتنكس لها رؤس البلغاء والخطباء ، ويتصاغر عند سماعها ألباب الألباء ، لو سمعها قس أياد ، لما نبس ، أو أكثم بن صيفي لأمسك عنان البلاغة وحبس ! ! ! ثم أكر حسبه الشريف ، وما حواه من المجد التليد والطريف ، وكفالة رسول
[1] صهوة الشئ : قمته وأعلاه . والعلم : الراية . ولعل مراد المصنف من قوله هذا : إني هززت عزمي لانجاز هذا العزم مثل من ينجز بيعته بإهزاز الراية والسلاح لا بالقول وصفق يده على يد من يبايعه . وبلالة الفكر : ما في النداوة والجود والسخاء . [2] الظاهر أن هذا مكرر ما قبله ، كرره الكاتب سهوا كما ذكره سهوا بالقاف : " أصداقه " .