يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ، وطلبه منهم أن يلتزموا بتنفيذ ما سيكتبه لهم ، إنما هو أمر الله تعالى ! فالتعارض في الحقيقة بين إرادتهم وإرادة الله تعالى ورفضهم للعرض النبوي رفضٌ لإرادة الله تعالى وفرضٌ لإرادتهم بدلها ! فمن الذي أعطاهم هذه الولاية على الأمة ونبيها ( صلى الله عليه آله ) وقرآنها مقابل الله تعالى ؟ بل من أعطاهم الولاية على رب العالمين عز وجل ؟ ! ! إن كل حجتهم على عملهم هي أن بني هاشم لا يصح أن يجمعوا بين النبوة والخلافة لأن ذلك ظلمٌ لقبائل قريش ! فهل النبوة قسمةُ قبائل ! ومن الذي أخبرهم أن كتابة النبي ( صلى الله عليه آله ) لعهده ظلم لقريش ، بينما سقيفتهم حقٌّ وعدل لقريش وللعالمين ؟ ! أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بعضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) . ( الزخرف : 32 ) في تاريخ الطبري : 3 / 288 ، عن ابن عباس ، وفي شرح النهج : 6 / 50 ، عن عبد الله بن عمر ، ولفظهما متقارب ، قال : ( كنت عند أبي يوماً ، وعنده نفر من الناس ، فجرى ذكر الشعر ، فقال : من أشعر العرب ؟ فقالوا : فلان وفلان ، فطلع عبد الله بن عباس فسلم وجلس ، فقال عمر : قد جاءكم الخبير ، من أشعر الناس يا عبد الله ؟ قال : زهير بن أبي سلمى . قال : فأنشدني مما تستجيده له . فقال : يا أمير المؤمنين ، إنه مدح قوماً من غطفان يقال لهم بنو سنان ، فقال : < شعر > لو كان يَقْعُد فوق الشمس من كرم * قومٌ بأولهم أو مجدهم قعدوا قوم أبوهم سنان حين تنسبهم * طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا إنسٌ إذا أمنوا ، جنٌّ إذا فزعوا * مرزَّؤون بها ليلاً إذا جهدوا محسَّدون على ما كان من نعم * لا ينزع الله منهم ما لهُ حسدوا < / شعر > فقال عمر : والله لقد أحسن ، وما أرى هذا المدح يصلح إلا لهذا البيت