الكفر ، فقد كانت فَلْتَة وقى الله المسلمين شرها ، والصحابة الذين انقلبوا أو كادوا ، تابوا ثم شاركوا في حروب النبي ( صلى الله عليه آله ) ، وقد يكونون فرَّوا من معارك أخرى وتابوا أيضاً ، ولم نسمع أن النبي ( صلى الله عليه آله ) عنَّفَهم ، فالملاك حسن العاقبة ، وأن النبي ( صلى الله عليه آله ) مات وهو عنهم راض ، ولم يخبر أنهم سينقلبون بعد موته ويكفرون ! والجواب : أن وقوع الانقلاب والردة في أحُد من بعض الصحابة معلومٌ برواية أتباعهم ، فضلاً عن رواياتنا ، أما توبتهم منه فلم يروها أحد . ولا بد أن النبي ( صلى الله عليه آله ) وبَّخهم بعد أحدُ ، وقال لهم في أنفسهم قولاً بليغاً ، حيث لم يصل إلينا كل ما قاله وما فعله النبي ( صلى الله عليه آله ) ! والسنة التي سمحت الخلافة القرشية بتدوينها بعد قرن ونصف ، لا تغطي إلا القليل من سيرته وأقواله وأفعاله ( صلى الله عليه وآله ) ! على أنهم رووا طرفاً من توبيخه ( صلى الله عليه آله ) لبعضهم عندما اعترض عليه عمر في صلح الحديبية ، قال السيوطي في الدر المنثور : 6 / 68 : ( وأخرج البيهقي عن عروة قال : أقبل رسول الله ( ص ) من الحديبية راجعاً ، فقال رجل من أصحاب رسول الله : والله ما هذا بفتح ، لقد صُدِدنا عن البيت ، وصُدَّ هَدْيُنا ، وعكف رسول الله بالحديبية ، ورَدَّ رجلين من المسلمين خرجا ! فبلغ رسول الله ( ص ) قول رجال من أصحابه إن هذا ليس بفتح فقال : بئس الكلام هذا أعظم الفتح لقد رضي المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم ويسألوكم القضية ، ويرغبون إليكم في الإياب ، وقد كرهوا منكم ما كرهوا وقد أظفركم الله عليهم وردكم سالمين غانمين مأجورين ، فهذا أعظم الفتح ! أنسيتم يوم أحُد ، إذ تصعدون ولا تلوون على أحد وأنا أدعوكم في أخراكم ! أنسيتم يوم الأحزاب ، إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم ، وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ) . انتهى . ولا شك أن هذا بعض أحداث الحديبية ، ومثله ما روي عن أحد والخندق !