طاعتي من عنقه ، فأبيتُ عليه ، فبعث إليَّ إن أهل الحجاز كانوا الحكام على أهل الشام ، فلما قتلوا عثمان صار أهل الشام الحكام على أهل الحجاز ! فبعثتُ إليه إن كنت صادقا فسمِّ لي رجلاً من قريش الشام تحل له الخلافة ، ويُقبل في الشورى ، فإن لم تجده سميت لك من قريش الحجاز من يحل له الخلافة ويُقبل في الشورى . ونظرت إلى أهل الشام فإذا هم بقية الأحزاب ، فراش نار وذباب طمع ، تجمَّع من كل أوب ، ممن ينبغي أن يؤدب ويحمل على السنة ، ليسوا مهاجرين ولا أنصار ، ولا تابعين بإحسان ، فدعوتهم إلى الطاعة والجماعة فأبوا إلا فراقي وشقاقي ، ثم نهضوا في وجه المسلمين ينضحونهم بالنبل ويشجرونهم بالرماح ! فعند ذلك نهضت إليهم ، فلما عضتهم السلاح ووجدوا ألم الجراح ، رفعوا المصاحف فدعوكم إلى ما فيها ، فأنبأتكم أنهم ليسوا بأهل دين ولا قرآن ، وإنما رفعوها مكيدة وخديعة فامضوا لقتالهم ، فقلتم إقبل منهم واكفف عنهم فإنهم إن أجابوا إلى ما في القرآن ، جامعونا على ما نحن عليه من الحق ، فقبلت منهم وكففت عنهم ، فكان الصلح بينكم وبينهم على رجلين حكمين ليحييا ما أحياه القرآن ، ويميتا ما أماته القرآن ، فاختلف رأيهما واختلف حكمهما ، فنبذا ما في الكتاب ، وخالفا ما في القرآن وكانا أهله . ثم إن طائفة اعتزلت فتركناهم ما تركونا ، حتى إذا عاثوا في الأرض يفسدون ويقتلون ، وكان فيمن قتلوه أهل ميرة من بني أسد ، وخباباً وابنه وأم ولده ، والحارث بن مرة العبدي ، فبعثت إليهم داعياً فقلت ادفعوا إلينا قتلة إخواننا ، فقالوا : كلنا قتلتهم ، ثم شدت خيلهم ورجالهم ، فصرعهم الله مصارع الظالمين . فلما كان ذلك من شأنهم ، أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوكم فقلتم : كلَّت سيوفنا ونصلت أسنة رماحنا وعاد أكثرها قصيداً ، فأذن لنا فلنرجع ولنستعد بأحسن عدتنا ، وإذا نحن رجعنا زدنا في مقاتلتنا عدة من قتل منا ، حتى إذا أظللتم على النخيلة أمرتكم أن تلزموا معسكركم ، وأن تضموا إليه نواصيكم ، وأن توطنوا على الجهاد نفوسكم ، ولا تكثروا زيارة أبناءكم ونساءكم ، فإن أصحاب الحرب