العري ، يحجزه إيمانه أن يسأل الناس ، منهم أويس القرني ) . ( أعلام النبلاء : 4 / 29 ) وهذا يدل على أن ثروة الدولة والفتوحات كانت دُولةً بين فئة قليلة ! أما عامة الناس ، خاصةً الذين لا يداهنون الخليفة ورجاله كأويس القرني ، فكانوا في فقر مدقع ، وقد يعاني بعضهم من العري ، وقد يموت من الجوع ! * * والأخطر من الجوع والعري أن المسلم لم يكن له أمن على حياته ودمه من السلطة ، فقد يقتل الصحابي أو التابعي بتلفيق شكاية عليه بأنه طعن في الخليفة ! وإذا كانت السلطة لا تعرف حرمةً للدم والكرامة فكيف تعرف حرمةً للمال ؟ ! قال الحاكم في المستدرك : 3 / 405 : ( جاء رجل من مراد إلى أويس القرني فقال : السلام عليكم ، قال : وعليكم . قال : كيف أنتم يا أويس ؟ قال : الحمد لله . قال : كيف الزمان عليكم ؟ قال : لا تسأل ! الرجل إذا أمسى لم ير أنه يصبح ، وإذا أصبح لم ير أنه يمسي ! يا أخا مراد ، إن الموت لم يبق لمؤمن فرحاً . يا أخا مراد ، إن عرفان المؤمن بحقوق الله لم تبق له فضة ولا ذهباً . يا أخا مراد ، إن قيام المؤمن بأمر الله لم يبق له صديقاً ! والله إنا لنأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيتخذوننا أعداء ، ويجدون على ذلك من الفاسقين أعواناً ، حتى والله لقد يقذفوننا بالعظائم ، ووالله لا يمنعني ذلك أن أقول بالحق ) ! . انتهى . وقال ابن حبان في المجروحين : 3 / 151 : ( وكان ابن عم له يلزم السلطان تولع به ، فإن رآه مع قوم أغنياء قال ما هو إلا يشاكلهم ! وإن رآه مع قوم فقراء ، قال ما هو إلا يخدعهم ! وأويس لا يقول في ابن عمه إلا خيراً ) ! . انتهى . وقد تسأل لماذا قال أويس ( رحمه الله ) : اللهم من مات جوعاً فلا تؤاخذني به ، ومن مات عرياً فلا تؤاخذني به ! فهل يموت أحدٌ من العري ؟ ! والجواب : أن العريَ والجوع متلازمان ، وقد يجرُّ العريَ إلى الجوع ، فيكون هو السبب الأساس للموت !