فالتفتت فاطمة ( عليها السلام ) إلى الناس وقالت : معاشر الناس المسرعة إلى قيل الباطل ، والمغضية على الفعل القبيح الخاسر ! أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ؟ كلا بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم ، فأخذ بسمعكم وأبصاركم ولبئس ما تأولتم ، وساء ما به أشرتم ، وشر ما منه اغتصبتم ، لتجدن والله محمله ثقيلاً وغبه وبيلاً ، إذا كشف لكم الغطاء وبان ما وراءه الضراء ، وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون ، وخسر هنالك المبطلون . ثم عطفت على قبر النبي ( صلى الله عليه آله ) وقالت : < شعر > قد كان بعدك أنباءٌ وهنبثةٌ * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطبُ أبدت رجالٌ لنا نجوى صدورهم * لما مضيتَ وحالت دونك التربُ تجهمتنا رجال واستخف بنا * لما فُقدتَ وكل الأرض مغتصبُ وكنت بدراً ونوراً يستضاء به * عليك ينزل من ذي العزة الكتبُ وكان جبرئيل بالآيات يؤنسنا * فقد فُقدتَ وكل الخير محتجبُ فليت قبلك كان الموتُ صادفنا * لما مضيت وحالت دونك الكثبُ < / شعر > ثم انكفأت وأمير المؤمنين يتوقع رجوعها إليه ويتطلع طلوعها عليه ، فلما استقرت بها الدار قالت لأمير المؤمنين : يا ابن أبي طالب ! اشتملت شملة الجنين ، وقعدت حجرة الظنين ، نقضت قادمة الأجدل ، فخانك ريش الأعزل ، هذا ابن أبي قحافة يبتزني نحلة أبي وبلغة ابني ، لقد أجهد في خصامي ، وألفيته ألدَّ في كلامي ، حتى حبستني قيْلةُ نصرها ، والمهاجرة وصلها ، وغضت الجماعة دوني طرفها ، فلا دافع ولا مانع ، خرجْتُ كاظمة وعُدْتُ راغمة ! أضرعتَ خدك يوم أضعت حدك ، افترست الذئاب وافترشت التراب ، ما كففتَ قائلاً ولا أغنيتَ طائلا ، ولا خيارَ لي ! ليتني متُّ قبل هنيئتي ودون ذلتي ، عذيري الله منه عادياً ومنك حامياً ، ويلايّ في كل شارق ! ويلاي في كل غارب ! مات العمد ووهن العضد ، شكوايَ إلى أبي وعدوايَ إلى ربي ! اللهم إنك أشد منهم قوةً وحولاً ، وأشد بأساً وتنكيلا .