رجع فقال لأبي بكر : قال لك ما خلف رسول الله أحداً غيري ! قال : ارجع إليه فقل : أجب ، فإن الناس قد أجمعوا على بيعتهم إياه ، وهؤلاء المهاجرون والأنصار يبايعونه وقريش ، وإنما أنت رجل من المسلمين لك ما لهم وعليك ما عليهم ، فذهب إليه قنفذ ، فما لبث أن رجع فقال قال لك : إن رسول الله ( صلى الله عليه آله ) قال لي وأوصاني إذا واريته في حفرته لا أخرج من بيتي حتى أؤلف كتاب الله ، فإنه في جرايد النخل وفي أكتاف الإبل . قال عمر : قوموا بنا إليه ، فقام أبو بكر ، وعمر ، وعثمان وخالد بن الوليد ، والمغيرة بن شعبة ، وأبو عبيدة بن الجراح ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وقنفذ ، وقمت معهم فلما انتهينا إلى الباب فرأتهم فاطمة ( عليها السلام ) فأغلقت الباب في وجوههم ، وهي لا تشك أن لا يدخل عليها إلا بإذنها ، فضرب عمر الباب برجله فكسره وكان من سعف ، ثم دخلوا فأخرجوا علياً ملبباً ! فخرجت فاطمة فقالت : يا أبا بكر أتريد أن ترمِّلني من زوجي ، والله لئن لم تكفَّ عنه لأنشرن شعري ولأشقنَّ جيبي ولآتين قبر أبي ولأصيحنَّ إلى ربي ، فأخذت بيد الحسن والحسين وخرجت تريد قبر النبي ( صلى الله عليه آله ) فقال علي لسلمان : أدرك ابنة محمد ( صلى الله عليه آله ) فإني أرى جنبتي المدينة تكفيان ، والله إن نشرت شعرها وشقت جيبها وأتت قبر أبيها وصاحت إلى ربها ، لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها وبمن فيها ، فأدركها سلمان فقال : يا بنت محمد إن الله إنما بعث أباك رحمة فارجعي ، فقالت : يا سلمان يريدون قتل علي ! ما على عليٍّ صبر ، فدعني حتى آتى قبر أبي فأنشر شعري وأشق جيبي وأصيح إلى ربي ! فقال سلمان : إني أخاف أن يخسف بالمدينة ، وعليٌّ بعثني إليك ويأمرك أن ترجعي إلى بيتك وتنصرفي ، فقالت : إذاً أرجع وأصبر ، وأسمع له وأطيع . قال : فأخرجوه من منزله ملبباً ومروا به على قبر النبي عليه وآله السلام قال : فسمعته يقول : يا ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي ) إلى آخر الآية . وجلس أبو بكر في سقيفة بني ساعدة وقَدِم عليٌّ فقال له عمر : بايع ! فقال له علي : فإن أنا لم أفعل فمَهْ ؟ فقال له عمر : إذا أضرب والله عنقك ! فقال له علي : إذاً والله أكون عبد الله المقتول وأخا رسول الله . فقال عمر : أما عبد الله المقتول فنعم ، وأما