على أن سيرة ابن إسحاق فيها مشكلات ، فقد كان يتشيع للحسنيين ، ثم صار مع خصومهم العباسيين . وعاش في المدينة ، ثم نفي منها إلى البصرة ، وفارس ، ثم عاش في بغداد . كما أن لكتابه روايات متعددة ، ويبدو أنه أجرى فيه تغييرات في مراحل من حياته . وقد اعتمد ابن هشام على رواية زياد البكائي دون غيرها ، بينما قال في مقدمة القطعة التي عثروا عليها في المغرب من سيرة ابن إسحاق : « ولسيرة ابن إسحق رواة غير البكائي ، وابن بكير ، وبكر بن سليمان ، وسلمة بن الفضل ، أوصلها مطاع الطرابيشي إلى 61 راوياً ، في كتابه : رواة المغازي والسير » . ( ابن إسحاق : موقع الوراق ) . ويظهر أن نسخ هؤلاء الرواة فيها ( تعديلات ) على كتاب ابن إسحاق ، وأنه حُذف منها كثير من مناقب أهل البيت « عليهم السلام » ، وما يمس ببني أمية وبني عباس ! ومن أمثلة ذلك حذفهم اسم العباس من أسرى بدر ، مع أنه متواتر ، وقد حذف ابن هشام حديث الدار الذي نص على وصية النبي « صلى الله عليه وآله » لعلي « عليه السلام » ، عند نزول قوله تعالى : وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ! لذلك ، فإن القيمة العلمية لسيرة ابن هشام وابن إسحاق محدودة ، حيث يحتاج الباحث إلى فحص روايتها ، ومقارنتها برواية أهل البيت « عليهم السلام » وبقية المؤرخين . كانت ( الخلافة ) تحرق مصادر السيرة ! اتفقت المصادر على أن أول من صنف في السيرة عبيد الله بن أبي رافع خادم النبي « صلى الله عليه وآله » قال في : الذريعة : 17 / 153 : « هو أول من صنف في المغازي والسير » . وقال في الشيعة وفنون الإسلام / 84 : « الفصل الثامن في تقدم الشيعة في علم السير فأول من وضعه عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، صنف في ذلك