نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 70
لا تصدقنا في هذا الخبر لما سبق إلى قلبك من تهمتنا وإن كنا صادقين . وقد يفعل مثل ذلك المخادع المماكر إذا أراد أن يوقع في قلب من يخبره بالشئ صدقه ، لأن القتل من أفظع مصائب الدنيا ، فيقول أنا أعلم أنك لا تصدقني في كذا وكذا . وإن كنت صادقا ، وهذا بين . تنزيه يعقوب عن الحزن المكروه : ( مسألة ) فإن قيل : فلم أسرف يعقوب ( ع ) في الحزن والتهالك وترك التماسك حتى ابيضت عيناه من البكاء والحزن ، ومن شأن الأنبياء عليهم السلام التجلد والتصبر وتحمل الأثقال ، ولولا هذه الحال ما عظمت منازلهم وارتفعت درجاتهم ؟ الجواب : قيل له إن يعقوب عليه السلام بلي وامتحن في ابنه بما لم يمتحن به أحد قبله ، لأن الله تعالى رزقه مثل يوسف عليه السلام أحسن الناس وأجملهم وأكملهم عقلا وفضلا وأدبا وعفافا ثم أصيب به أعجب مصيبة وأطرفها ، لأنه لم يمرض بين يديه مرضا يؤول إلى الموت فيسليه عنه تمريضه له ثم يأسه منه بالموت ، بل فقده فقدا لا يقطع معه على الهلاك فييأس منه ، ولا يجد إمارة على حياته وسلامته ، فيرجو ويطمع . وكان متردد الفكر بين يأس وطمع ، وهذا أغلظ ما يكون على الانسان وأنكأ لقلبه ، وقد يرد على الانسان من الحزن ما لا يملك رده ولا يقوى على دفعه . ولهذا لم لا يكون أحدنا منهيا عن مجرد الحزن والبكاء ، وإنما نهي عن اللطم والنوح ، وأن يطلق لسانه فيما يسخط ربه وقد بكى نبينا صلى الله عليه وآله على ابنه إبراهيم عند وفاته . وقال : العين تدمع والقلب يخشع ولا نقول ما يسخط الرب ، وهو القدرة في جميع الآداب والفضائل على أن يعقوب ( ع ) إنما أبدى من حزنه يسيرا من كثير ، وكان ما يخفيه ويتصبر عليه ويغالبه أكثر وأوسع مما
( 1 ) يوسف الآية 17
70
نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 70