نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 51
ووجه آخر : وهو أن نمرود بن كنعان [1] لما قال لإبراهيم عليه السلام : إنك تزعم أن ربك يحيي الموتى ، وأنه قد قال : أرسلك إلي لتدعوني إلى عبادته ، فاسأله أن يحيي لنا ميتا إن كان على ذلك قادرا ، فإن لم يفعل قتلتك . قال إبراهيم ( ع ) : ( رب أرني كيف تحيي الموتى ) فيكون معنى قوله : ( ولكن ليطمئن قلبي ) على هذا الوجه ، أي لآمن من القتل ويطمئن قلبي بزوال الروع والخوف . وهذا الوجه الذي ذكرناه وإن لم يكن مرويا على هذا الوجه فهو مجوز ، وإن أجاز صلح أن يكون وجها في تأويل الآية مستأنفا متابعا . ووجه آخر : وهو أنه يجوز أن يكون إبراهيم إنما سأل إحياء الموتى لقومه ليزول شكهم في ذلك وشبهتهم . ويجري مجرى سؤال موسى ( ع ) الرؤية لقومه ، ليصدر منه تعالى الجواب على وجه يزيل منه شبهتهم في جواز الرؤية عليه تعالى . ويكون قوله ليطمئن قلبي على هذا الوجه ، معناه أن نفسي تسكن إلى زوال شكهم وشبهتهم ، أو ليطمئن قلبي إلى إجابتك إياي فيما أسألك فيه . وكل هذا جائز ، وليس في الظاهر ما يمنع منه ، لأن قوله : ( ولكن ليطمئن قلبي ) ما تعلق في ظاهر الآية بأمر لا يسوغ العدول عنه مع التمسك بالظاهر ، وما تعلقت هذه الطمأنينة به غير مصرح بذكره ، قلنا إن تعلقه بكل أمر يجوز أن يتعلق به . فإن قيل : فما معنى قوله تعالى أولم تؤمن ؟ وهذا اللفظ استقبال . وعندكم أنه كان مؤمنا فيما مضى . قلنا معنى ذلك أو لم تكن قد آمنت ؟ والعرب تأتي بهذا اللفظ ، وإن كان في ظاهره الاستقبال ، وتريد به الماضي . فيقول أحدهم لصاحبه : أولم تعاهدني على كذا وكذا ، وتعاقدني على أن لا تفعل كذا وكذا ؟ وإنما يريد الماضي دون المستقبل .