نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 40
وعجيب الخلق ، وقد كان قومه يعبدون الكواكب ويزعمون أنها آلهة . قال هذا ربي على سبيل الفكر والتأمل لذلك ، فلما غابت وأفلت وعلم أن الأفول لا يجوز على الإله ، علم أنها محدثة متغيرة منتقلة . وكذلك كانت حالته في رؤية القمر والشمس ، وأنه لما رأى أن أفولهما قطع على حدوثهما واستحالة الهيتهما ، وقال في آخر الكلام : " يا قوم إني برئ مما تشركون ، إني وجهت وجي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين " . وكان هذا القول منه عقيب معرفته بالله تعالى ، وعلمه بأن صفات المحدثين لا يجوز عليه تعالى . فإن قيل : كيف يجوز أن يقول عليه السلام هذا ربي ، مخبرا ، وهو غير عالم بما يخبر به ، والإخبار بما لا يأمن المخبر أن يكون كاذبا فيه قبيح . وفي حال كمال عقله ولزوم النظر لا بد من أن يلزمه التحرز من الكذب ، وما جرى مجراه من القبح . قلنا عن هذا جوابان : أحدهما : أنه لم يقل ذلك مخبرا ، وإنما قال فارضا ومقدرا على سبيل الفكر والتأمل ، ألا ترى أنه قد يحسن من أحدنا إذا كان ناظرا في شئ ومتأملا بين كونه على إحدى صفتيه ، أن يفرضه على إحداهما لينظر فيما يؤدي ذلك الفرض إليه من صحة أو فساد ، ولا يكون بذلك مخبرا في الحقيقة . ولهذا يصح من أحدنا إذا نظر في حدوث الأجسام وقدمها إن يفرض كونها قديمة ، ليتبين ما يؤدي إليه ذلك الفرض من الفساد . والجواب الآخر : أنه أخبر عن ظنه ، وقد يجوز أنه يظن المفكر والمتأمل في حال نظره وفكره ما لا أصل له ، ثم يرجع عنه بالأدلة والعقل ، ولا يكون ذلك منه قبيحا . فإن قيل الآية تدل على أن إبراهيم عليه السلام ما كان رأى هذه الكواكب قبل ذلك ، لأن تعجبه منها تعجب من لم يكن رآها ، فكيف يجوز أن يكون إلى مدة كمال عقله لم يشاهد السماء وما فيها من النجوم ؟ قلنا لا
40
نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 40