نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 18
كما قلنا إن الكذب قبيح ، فأما الكذب في غير ما يؤديه عن الله وسائر الكبائر فإنما دل المعجز على نفيها ، من حيث كان دالا على وجوب اتباع الرسول وتصديقه فيما يؤديه ، وقبوله منه ، لأن الغرض في بعثة الأنبياء عليهم السلام ، تصديقهم بالأعلام ، المعجز هو أن يمتثل ما يأتون به ، فما قدح في الامتثال والقبول وأثر فيهما ، يجب أن يمنع المعجز منه ، فلهذا قلنا : إنه يدل على نفي الكذب والكبائر عنهم في غير ما يؤدونه بواسطة ، وفي الأول يدل بنفسه ، فإن قيل : لم يبق إلا أن تدلوا على أن تجويز الكبائر يقدح فيما هو الغرض بالبعثة من القبول والامتثال ، قلنا : لا شبهة في أن من نجوز عليه كبائر المعاصي ولا نأمن منه الإقدام على الذنوب ، لا تكون أنفسنا ساكنة إلى قبول قوله أو استماع وعظه كسكونها إلى من لا نجوز عليه شيئا من ذلك ، وهذا هو معنى قولنا إن وقوع الكبائر منفر عن القبول ، والمرجع فيما ينفر وما لا ينفر إلى العادات واعتبار ما تقتضيه ، وليس ذلك مما يستخرج بالأدلة والقياس ، ومن رجع إلى العادة علم ما ذكرناه ، وأنه من أقوى ما ينفر عن قبول القول ، فإن حظ الكبائر في هذا الباب لم يزد على حد السخف والمجون والخلاعة ولم ينقص منه . فإن قيل : أوليس قد جوز كثير من الناس على الأنبياء عليهم السلام الكبائر مع أنهم لم ينفروا عن قبول أقوالهم والعمل بما شرعوه من الشرايع ، وهذا ينقض قولكم إن الكبائر منفرة . قلنا : هذا سؤال من لا يفهم ما أوردناه ، لأنا لم نرد بالتنفير ارتفاع التصديق ، وأن لا يقع امتثال الأمر جملة . وإنما أردنا ما فسرناه من أن سكون النفس إلى قبول قول من يجوز ذلك عليه لا يكون على حد سكونها إلى من لا يجوز ذلك عليه ، وإنا مع تجويز الكبائر نكون أبعد من قبول القول . كما إنا مع الأمان من الكبائر نكون أقرب إلى قبول القول . وقد يقرب من الشئ ما لا يحصل الشئ عنده ، كما يبعد عنه ما لا يرتفع عنده ، ألا ترى أن
18
نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 18