نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 164
أعدائه من المشركين عليه ، وذنوبهم إليه في منعهم إياه عن مكة وصدهم له عن المسجد الحرام . وهذا التأويل يطابق ظاهر الكلام حتى تكون المغفرة غرضا في الفتح ووجها له . وإلا فإذا أراد مغفرة ذنوبه لم يكن لقوله : ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) معنى معقول ، لان المغفرة للذنوب لا تعلق لها بالفتح ، إذ ليست غرضا فيه . وأما قوله تعالى : ( ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) ، فلا يمتنع ان يريد به ما تقدم زمانه من فعلهم القبيح لك ولقومك وما تأخر ، وليس لاحد ان يقول إن سورة الفتح نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله بين مكة والمدينة وقد انصرف من الحديبية . وقال قوم من المفسرين : ان الفتح أراد به فتح خيبر ، لأنه كان تاليا لتلك الحال ، وقال آخرون : بل أراد به أنا قضينا لك في الحديبية قضاء حسنا . فكيف يقولون ما لم يقله أحد من أن المراد بالآية فتح مكة ، والسورة قد نزلت قبل ذلك بمدة طويلة ، وذلك أن السورة وان كانت نزلت في الوقت الذي ذكر وهو قبل فتح مكة ، فغير ممتنع ان يريد بقوله تعالى ( انا فتحنا لك فتحا مبينا ) فتح مكة . ويكون ذلك على طريق البشارة له والحكم بأنه سيدخل مكة وينصره الله على أهلها ، ولهذا نظائر في القرآن ، والكلام كثير . ومما يقوي أن الفتح في السورة أراد به فتح مكة قوله تعالى : ( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا ) [1] فالفتح القريب ههنا هو فتح خيبر . وأما حمل الفتح على القضاء الذي قضاه في الحديبية فهو خلاف الظاهر . ومقتضى الآية لان الفتح بالاطلاق الظاهر منه