نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 142
على قومه لبقائهم على تكذيبه وإصرارهم على الكفر ويأسه من إقلاعهم وتوبتهم ، فخرج من بينهم خوفا من أن ينزل العذاب بهم وهو مقيم بينهم . وأما قوله تعالى : ( فظن أن لن نقدر عليه ) ، فمعناه أن لا نضيق عليه المسلك ونشدد عليه المحنة والتكليف ، لأن ذلك مما يجوز أن يظنه النبي ، ولا شبهة في أن قول القائل قدرت وقدرت بالتخفيف والتشديد معناه التضييق . قال الله تعالى : ( ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ) [1] . وقال تعالى : ( الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) [2] . أي يوسع ويضيق . وقال تعالى : ( وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه ) [3] أي ضيق ، والتضييق الذي قدره الله عليه هو ما لحقه من الحصول في بطن الحوت وما ناله في ذلك من المشقة الشديدة إلى أن نجاه الله تعالى منها . وأما قوله تعالى : ( فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) [4] فهو على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى والخشوع له والخضوع بين يديه ، لأنه لما دعاه لكشف ما امتحنه به وسأله أن ينجيه من الظلمات التي هي ظلمة البحر وظلمة بطن الحوت وظلمة الليل ، فعل ما يفعله الخاضع الخاشع من الانقطاع والاعتراف بالتقصير ، وليس لأحد أن يقول كيف يعترف بأنه كان من الظالمين ولم يقع منه ظلم ، وهل هذا إلا الكذب بعينه ؟ وليس يجوز أن يكذب النبي ( ع ) في حال خضوع ولا غيره ،