نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 140
الدعاء منه حسنا جميلا وهو غير منسوب به إلى بخل ولا شح . وليس يمتنع أن يسأل النبي هذه المسألة من غير إذن إذا لم يكن شرط ذلك بحضرة قومه ، بعد أن يكون هذا الشرط مرادا فيها ، وإن لم يكن منطوقا به ، وعلى هذا الجواب اعتمد أبو علي الجبائي . ووجه آخر : وهو أن يكون عليه السلام إنما التمس أن يكون ملكه آية لنبوته ليتبين بها عن غيره ممن ليس نبيا . وقوله " لا ينبغي لأحد من بعدي " أراد به لا ينبغي لأحد غيري ممن أتى مبعوث إليه ، ولم يرد من بعده إلى يوم القيامة من النبيين ( ع ) . ونظير ذلك أنك تقول للرجل أنا أطيعك ثم لا أطيع أحدا بعدك ، تريد ولا أطيع أحدا سواك . ولا تريد بلفظة بعد المستقبل ، وهذا وجه قريب . وقد ذكر أيضا في هذه الآية ومما لا يذكر فيها مما يحتمله الكلام أن يكون ( ع ) إنما سأل ملك الآخرة وثواب الجنة التي لا يناله المستحق إلا بعد انقطاع التكليف وزوال المحنة ، فمعنى قوله لا ينبغي لأحد من بعدي أي لا يستحقه بعد وصولي إليه أحد من حيث لا يصح أن يعمل ما يستحق به لانقطاع التكليف . ويقوي هذا الجواب قوله " رب اغفر لي " وهو من أحكام الآخرة . وليس لأحد أن يقول إن ظاهر الكلام بخلاف ما تأولتم ، لأن لفظة بعدي لا يفهم منها بعد وصولي إلى الثواب . وذلك أن الظاهر غير مانع من التأويل الذي ذكرناه ، ولا مناف له . لأنه لا بد من أن تعلق لفظة بعدي بشئ من أحواله المتعلقة به ، وإذا علقناها بوصوله إلى الملك كان ذلك في الفايدة ومطابقة الكلام كغيره مما يذكر في هذا الباب . ألا ترى أنا إذا حملنا لفظة بعدي على نبوتي أو بعد مسألتي أو ملكي ، كان ذلك كله في حصول الفايدة به ، يجري مجرى أن تحملها إلى بعد وصولي إلى الملك . فإن ذلك مما يقال فيه أيضا بعدي . ألا ترى أن القائل يقول دخلت الدار بعدي ووصلت إلى كذا وكذا بعدي ، وإنما يريد بعد دخولي وبعد وصولي وهذا واضح بحمد الله .
140
نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 140