نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 123
فرقت بين الرجلين خشية أن يقتتلا ، أي كراهة لذلك ، وعلى هذا التأويل والوجه الذي قلنا أنه بمعنى العلم لا يمتنع أن تضاف الخشية إلى الله تعالى . فإن قيل : فما معنى قوله تعالى ( أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر ) [1] والسفينة البحرية تساوي المال الجزيل ، وكيف يسمى مالكها بأنه مسكين والمسكين عند قوم شر من الفقير ؟ وكيف قال : ( وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ) [2] ومن كان وراءهم قد سلموا من شره ونجوا من مكروهة وإنما الحذر مما يستقبل . قلنا أما قوله : لمساكين ففيه أوجه : منها أنه لم يعن بوصفهم بالمسكنة الفقر ، وإنما أراد عدم الناصر وانقطاع الحيلة . كما يقال لمن له عدو يظلمه ويهضمه أنه مسكين ومستضعف وإن كان كثير المال واسع الحال . ويجري هذا مجرى ما روي عنه عليه السلام من قوله : " مسكين مسكين رجل لا زوجة له " . وإنما أراد وصفه بالعجز وقلة الحيلة وإن كان ذا مال واسع . ووجه آخر : وهو أن السفينة الواحدة البحرية التي لا يتعيش إلا بها ولا يقدر على التكسب إلا من جهتها كالدار التي يسكنها الفقير هو وعياله ولا يجد سواها ، فهو مضطر إليها ومنقطع الحيلة إلا منها . فإذا انضاف إلى ذلك أن يشاركه جماعة في السفينة حتى يكون له منها الجزء اليسير ، كان أسوأ حالا وأظهر فقرا . ووجه آخر : إن لفظة المساكين قد قرئت بتشديد السين وفتح النون ، فإذا صحت هذه الرواية فالمراد بها البخلاء . وقد سقط السؤال . فأما قوله