نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 116
مما التمسوه من الرؤية المستحيلة عليه تعالى ، فإن الأنبياء ( ع ) وإن لم يقع منهم القبائح فقد يقع من غيرهم ، ويحتاج من وقع ذلك منه إلى التوبة والاستغفار والاستقالة وهذا بين بحمد الله ومنه . بيان الوجه في أخذ موسى برأس أخيه يجره : ( مسألة ) : فإن قيل : فما وجه قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام : ( وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين ) [1] أوليس ظاهر هذه الآية يدل على أن هارون عليه السلام أحدث ما أوجب إيقاع ذلك الفعل منه ؟ وبعد فما الاعتذار لموسى ( ع ) من ذلك وهو فعل السخفاء والمتسرعين وليس من عادة الحكماء المتماسكين ؟ . ( الجواب ) قلنا : ليس فيما حكاه الله تعالى من فعل موسى وأخيه عليهما السلام ما يقتضي وقوع معصية ولا قبيح من واحد منهما ، وذلك أن موسى ( ع ) أقبل وهو غضبان على قومه لما أحدثوا بعده مستعظما لفعلهم مفكرا منكرا ما كان منهم ، فأخذ برأس أخيه وجره إليه كما يفعل الانسان بنفسه مثل ذلك عند الغضب وشدة الفكر . ألا ترى أن المفكر الغضبان قد يعض على شفيته ويفتل أصابعه ويقبض على لحيته ؟ فأجرى موسى ( ع ) أخاه هارون مجرى نفسه ، لأنه كان أخاه وشريكه وحريمه ، ومن يمسه من الخير والشر ما يمسه ، فصنع به ما يصنعه الرجل بنفسه في أحوال الفكر والغضب ، وهذه الأمور تختل أحكامها بالعادات ، فيكون ما هو إكرام في بعضها استخافا في غيرها ، ويكون ما هو استخفاف في موضع إكراما في آخر . وأما قوله : لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ، فليس يدل على أنه وقع على