نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 105
لساني ) شرحا لصورته وبيانا عن حاله المقتضية لضم أخيه إليه في الرسالة ، فلم يكن مسألته إلا عن أذن وعلم وثقة بالإجابة . في تنزيه موسى ( ع ) عن الكفر والسحر : ( مسألة ) : فإن قيل : كيف جاز لموسى ( ع ) أن يأمر السحرة بإلقاء الحبال والعصي وذلك كفر وسحر وتلبيس وتمويه ، والأمر بمثله لا يحسن ؟ . ( الجواب ) : قلنا لا بد من أن يكون في أمره عليه السلام بذلك شرط ، فكأنه قال ألقوا ما أنتم ملقون إن كنتم محقين ، وكانوا فيما يفعلونه حجة . وحذف الشرط لدلالة الكلام عليه واقتضاء الحال له ، وقد جرت العادة باستعمال هذا الكلام محذوف الشرط ، وإن كان الشرط مرادا ، وليس يجري هذا مجرى قوله تعالى : ( فأتوا بسورة من مثله ) [1] وهو يعلم أنهم لا يقدرون على ذلك وما أشبه هذا الكلام من ألفاظ التحدي ، لأن التحدي وإن كان بصورة الأمر لكنه ليس بأمر على الحقيقة ولا تصاحبه إرادة الفعل ، فكيف تصاحبه الإرادة والله تعالى يعلم استحالة وقوع ذلك منهم وتعذره عليهم وإنما التحدي لفظ موضوع لإقامة الحجة على المتحدي وإظهار عجزه وقصوره عما تحدى به ، وليس هناك فعل يتناوله إرادة الأمر بإلقاء الحبال والعصي بخلاف ذلك ، لأنه مقدور ممكن . فليس يجوز أن يقال أن المقصود به هو أن يعجزوا بها عن إلقائها ويتعذر عليهم ما دعوا إليه ، فلم يبق بعد ذلك إلا أنه أمر بشرط ، ويمكن أن يكون على سبيل التحدي بأن يكون دعاهم إلى الإلقاء على وجه يساوونه فيه ، ولا يخيلون فيما ألقوه من السعي والتصرف من غير أن يكون له حقيقة ، لأن ذلك غير مساو لما ظهر على يده من انقلاب الجماد حية على الحقيقة دون التخييل . وإذا كان ذلك ليس في مقدورهم فإنما تحداهم به لتظهر حجته ويوجه دلالته وهذا واضح ، وقد بين الله تعالى