وأقول : أما الحكم عليهم أجمعين بالكفر فلم يقله منصف ، وقال النيسابوري في تفسيره : واتفقوا على أن معاوية ومن تابعه كانوا باغين للحديث المشهور ( إن عمارا تقتله الفئة الباغية ) وقد يقال : إن الباغية في حال بغيها ليست بمؤمنة ، وإنما سماهم المؤمنين باعتبار ما قبل البغي ، كقوله ( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه . . . ) ( 1 ) والمرتد ليس بمؤمن بالاتفاق . انتهى . وأما الحكم بالفسق فمقطوع به على معاوية ، ومن معه ، وكفر معاوية قد تقدم نقل بعض ما جاء فيه ، ولعل صاحب كناب الأنوار شعر بتهافت ما نقله ، فتبرأ منه تقذرا ، وقال : قاله الغزالي والمتولي ، ولعمري لقد أخطأ ، أو صغرا عظيما ، وفتحا بقولهما على الأمة بابا واسعا ، لكل طماع خبيث ، فأي طالب رياسة لا يقدر على ادعاء أسباب هي أقوى وأظهر مما اصطنعه معاوية ، وكيف لا يكون الباغي فاسقا ، والبغي مذموم ، ومنهي عنه ، ومرتكبه مهدر الدم ، يثيب الله من يقتله ، ويجب قتاله ، ومن كان هكذا لا يعقل أن يكون غير فاسق . ( 1 ) سورة المائدة الآية 54 .